للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وظاهر الحديث تخصيص الحلف بالله خاصّة، لكن قد اتّفق الفقهاء على أنّ اليمين تنعقد بالله وذاته وصفاته العليّة. واختلفوا في انعقادها ببعض الصّفات (١).

وكأنّ المراد بقوله " بالله " الذّات لا خصوص لفظ الله، وأمّا اليمين بغير ذلك فقد ثبت المنع فيها، وهل المنع للتّحريم؟.

قولان عند المالكيّة، كذا قال ابن دقيق العيد.

والمشهور عندهم الكراهة، والخلاف أيضاً عند الحنابلة , لكن المشهور عندهم التّحريم، وبه جزم الظّاهريّة.

وقال ابن عبد البرّ: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع.

ومراده بنفي الجواز الكراهة أعمّ من التّحريم والتّنزيه.

فإنّه قال في موضعٍ آخر: أجمع العلماء على أنّ اليمين بغير الله مكروهةٌ منهيٌّ عنها لا يجوز لأحدٍ الحلف بها، والخلاف موجود عند


(١) قال الشارح رحمه الله في " الفتح " (٩/ ٦٤٢) في شرح حديث ابن عمر في البخاري: كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - , لا ومقلب القلوب ": وفي هذا الحديث حجة لمن أوجب الكفارة على من حلف بصفة من صفات الله فحنث، ولا نزاع في أصل ذلك، وإنما الخلاف في أي صفة تنعقد بها اليمين؟، والتحقيق أنها مختصَّة بالتي لا يشاركه فيها غيره كمقلب القلوب.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: في الحديث جواز الحلف بأفعال الله إذا وصف بها، ولَم يذكر اسمه، قال: وفرَّق الحنفية بين القدرة والعلم , فقالوا: إنْ حَلَفَ بقدرة الله انعقدت يمينه , وإن حلف بعلم الله لَم تنعقد؛ لأنَّ العلم يعبر به عن المعلوم كقوله تعالى {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا}. والجواب: أنه هنا مجاز إن سلم أن المراد به المعلوم، والكلام إنما هو في الحقيقة .. الخ " انتهى.
وسيأتي إن شاء الله. مزيد بسط في آخر شرح الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>