وأجاب شيخنا في شرح التّرمذيّ: بأنّ الذي جاء به عبد الرّزّاق في هذه الرّواية ليس وافياً بالمعنى الذي تضمّنته الرّواية التي اختصره منها، فإنّه لا يلزم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: لو قال سليمان: إن شاء الله لَم يحنث. أن يكون الحكم كذلك في حقّ كلّ أحد غير سليمان، وشرط الرّواية بالمعنى عدم التّخالف، وهنا تخالف بالخصوص والعموم.
قلت: وإذا كان مخرج الحديث واحداً فالأصل عدم التّعدّد.
لكن قد جاء لرواية عبد الرّزّاق المختصرة شاهد من حديث ابن عمر. أخرجه أصحاب السّنن الأربعة وحسّنه التّرمذيّ وصحَّحه الحاكم من طريق عبد الوارث عن أيّوب - وهو السّختيانيّ - عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: من حلف على يمين فقال: إن شاء الله. فلا حنث عليه.
قال التّرمذيّ: رواه غير واحد عن نافع موقوفاً، وكذا رواه سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، ولا نعلم أحداً رفعه غير أيّوب. وقال إسماعيل بن إبراهيم: كان أيّوب أحياناً يرفعه وأحياناً لا يرفعه.
وذكر في " العلل " , أنّه سأل محمّداً عنه , فقال: أصحاب نافع رووه موقوفاً إلَّا أيّوب، ويقولون: إنّ أيّوب في آخر الأمر وقفه.
وأسند البيهقيّ عن حمّاد بن زيد قال: كان أيّوب يرفعه ثمّ تركه.
وذكر البيهقيّ: أنّه جاء من رواية أيّوب بن موسى وكثير بن فرقد وموسى بن عقبة وعبد الله بن العمريّ المكبّر وأبي عمرو بن العلاء وحسّان بن عطيّة كلّهم عن نافع مرفوعاً. انتهى.