للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليلة بغسل واحد. وهنّ إحدى عشرة امرأة (١).

ويقال: إنّ كلّ من كان أتقى لله فشهوته أشدّ , لأنّ الذي لا يتّقي يتفرّج بالنّظر ونحوه.

وفيه جواز الإخبار عن الشّيء ووقوعه في المستقبل بناء على غلبة الظّنّ , فإنّ سليمان عليه السّلام جزم بما قال , ولَم يكن ذلك عن وحي وإلا لوقع، كذا قيل.

وقال القرطبيّ: لا يظنّ بسليمان عليه السّلام أنّه قطع بذلك على ربّه إلَّا من جهل حال الأنبياء وأدبهم مع الله تعالى.

وقال ابن الجوزيّ: فإن قيل: من أين لسليمان أن يخلق من مائه هذا العدد في ليلة؟ لا جائز أن يكون بوحي لأنّه ما وقع، ولا جائز أن يكون الأمر في ذلك إليه لأنّ الإرادة لله.

والجواب: أنّه من جنس التّمنّي على الله , والسّؤال له أن يفعل , والقسم عليه كقول أنس بن النّضر " والله لا يكسر سنّها " (٢).


(١) أخرجه البخاري في " الصحيح " (٢٦٨) من طريق قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالك قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة , قال: قلت لأنس: أَوَكان يطيقه؟ قال: كنا نتحدَّث أنه أُعطي قوة ثلاثين , وفي رواية لهما " تسع نسوة ".
وقد ذكر الشارح رحمه الله في " الفتح " (١/ ٤٩٠) وجه الجمع بينهما.
(٢) أخرجه البخاري في " الصحيح " (٤٦١١) عن أنس - رضي الله عنه - قال: كَسرت الرُّبيّع ثنيةَ جاريةٍ من الأنصار، فطلب القومُ القصاصَ، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فقال أنس بن النضر عمُّ أنس بن مالك: لا والله، لا تكسر سنها يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أنس كتاب الله القصاص. فرضي القوم , وقبلوا الأرش، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ من عباد الله مَن لو أقسم على الله لأبرَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>