للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل في بعض طرق الحديث ما يدلّ على أنّ الغصب المدّعى به وقع في الجاهليّة , ومثل ذلك تسمع الدّعوى بيمينه فيه عندهم.

وفي الحديث أيضاً , أنّ يمين الفاجر تسقط عنه الدّعوى، وأنّ فجوره في دينه لا يوجب الحجر عليه، ولا إبطال إقراره ولولا ذلك لَم يكن لليمين معنى، وأنّ المدّعى عليه إن أقرّ أنّ أصل المدّعي لغيره لا يكلف لبيان وجه مصيره إليه ما لَم يعلم إنكاره لذلك يعني تسليم المطلوب له ما قال.

قال: وفيه أنّ من جاء بالبيّنة قضي له بحقّه من غير يمينٍ , لأنّه محالٌ أن يسأله عن البيّنة دون ما يجب له الحكم به، ولو كانت اليمين من تمام الحكم له لقال له بيّنتك ويمينك على صدقها.

وتعقّب: بأنّه لا يلزم من كونه لا يحلف مع بيّنته على صدقها فيما شهدت أنّ الحكم له لا يتوقّف بعد البيّنة على حلفه بأنّه ما خرج عن ملكه ولا وهبه مثلاً وأنّه يستحقّ قبضه، فهذا - وإن كان لَم يذكر في الحديث - فليس في الحديث ما ينفيه، بل فيه ما يشعر بالاستغناء عن ذكر ذلك؛ لأنّ في بعض طرقه أنّ الخصم اعترف وسلَّم المدّعى به للمدّعي فأغنى ذلك عن طلبه يمينه، والغرض أنّ المدّعي ذكر أنّه لا بيّنة له فلم تكن اليمين إلَّا في جانب المدّعى عليه فقط.

وقال القاضي عياض: وفي هذا الحديث من الفوائد أيضاً البداءة بالسّماع من الطّالب ثمّ من المطلوب. هل يقرّ أو ينكر؟ ثمّ طلب البيّنة من الطّالب إن أنكر المطلوب، ثمّ توجيه اليمين على المطلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>