من القدر شيئاً فلا يسوق إليه خيراً، لَم يقدّر له ولا يردّ عنه شرّاً قضي عليه، لكنّ النّذر قد يوافق القدر فيخرج من البخيل ما لولاه لَم يكن ليخرجه.
قال ابن العربيّ: فيه حجّة على وجوب الوفاء بما التزمه النّاذر، لأنّ الحديث نصَّ على ذلك بقوله " يستخرج به " فإنّه لو لَم يلزمه إخراجه لَما تمّ المراد من وصفه بالبخل من صدور النّذر عنه؛ إذ لو كان مخيّراً في الوفاء لاستمرّ لبخله على عدم الإخراج.
وفي الحديث الرّدّ على القدريّة.
وأمّا ما أخرجه التّرمذيّ من حديث أنس: إنّ الصّدقة تدفع ميتة السّوء. فظاهره يعارض قوله " إنّ النّذر لا يردّ القدر ".
ويُجمع بينهما: بأنّ الصّدقة تكون سبباً لدفع ميتة السّوء، والأسباب مقدّرة كالمسبّبات، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن الرّقى. هل تردّ من قدر الله شيئاً؟ قال: هي من قدر الله. أخرجه أبو داود والحاكم. ونحوه قول عمر: نفرّ من قدر الله إلى قدر الله. ومثل ذلك مشروعيّة الطّبّ والتّداوي.
وقال ابن العربيّ: النّذر شبيه بالدّعاء فإنّه لا يردّ القدر , ولكنّه من القدر أيضاً، ومع ذلك فقد نهي عن النّذر وندب إلى الدّعاء، والسّبب فيه أنّ الدّعاء عبادةٌ عاجلةٌ، ويظهر به التّوجّه إلى الله والتّضرّع له والخضوع، وهذا بخلاف النّذر فإنّ فيه تأخير العبادة إلى حين الحصول وترك العمل إلى حين الضّرورة. والله أعلم.