وفي الحديث أنّ كلّ شيء يبتدئه المُكلّف من وجوه البرّ أفضل ممّا يلتزمه بالنّذر. قاله الماورديّ.
وفيه الحثّ على الإخلاص في عمل الخير وذمّ البخل، وأنّ من اتّبع المأمورات واجتنب المنهيّات لا يعدّ بخيلاً.
تنْبيهٌ: قال ابن المنير: مناسبة أحاديث الباب لترجمة الوفاء بالنّذر. قوله " يستخرج به من البخيل ". وإنّما يخرج البخيل ما تعيّن عليه إذ لو أخرج ما يتبرّع به لكان جواداً.
وقال الكرمانيّ: يؤخذ معنى التّرجمة من لفظ " يستخرج ".
قلت: ويحتمل أن يكون البخاريّ أشار إلى تخصيص النّذر المنهيّ عنه بنذر المعاوضة واللجاج بدليل الآية، فإنّ الثّناء الذي تضمّنته محمول على نذر القربة، فيُجمع بين الآية والحديث بتخصيص كلٍّ منهما بصورةٍ من صور النّذر. والله أعلم.
قوله:(من البخيل) كذا في أكثر الرّوايات، ووقع في رواية مسلم في حديث ابن عمر " من الشّحيح ". وكذا للنّسائيّ. وفي رواية ابن ماجه " من اللئيم ".
ومدار الجميع على منصور بن المعتمر عن عبد الله بن مرّة. فالاختلاف في اللفظ المذكور من الرّواة عن منصور، والمعاني متقاربة؛ لأنّ الشّحّ أخصّ واللّؤمَ أعمّ.
قال الرّاغب: البخل إمساك ما يقتضى عمّن يستحقّ، والشّحّ بخلٌ مع حرصٍ، واللّؤم فعل ما يلام عليه.