للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمّا التّصدّق بجميع المال فيختلف باختلاف الأحوال.

الحال الأولى: من كان قويّاً على ذلك يعلم من نفسه الصّبر لَم يمنع. وعليه يتنزّل فعل أبي بكر الصّدّيق وإيثار الأنصار على أنفسهم المهاجرين ولو كان بهم خصاصةٌ.

الحال الثانية: من لَم يكن كذلك فلا. وعليه يتنزّل " لا صدقة إلَّا عن ظهر غنىً " وفي لفظ " أفضل الصّدقة ما كان عن ظهر غنىً " (١)

قال ابن دقيق العيد: في حديث كعب أنّ للصّدقة أثراً في محو الذّنوب. ومن ثَمّ شرعت الكفّارة الماليّة.

ونازعه الفاكهانيّ فقال: التّوبة تجبّ ما قبلها، وظاهر حال كعب أنّه أراد فعل ذلك على جهة الشّكر.

قلت: مراد الشّيخ أنّه يؤخذ من قول كعب " إنّ من توبتي .. إلخ " أنّ للصّدقة أثراً في قبول التّوبة التي يتحقّق بحصولها محو الذّنوب، والحجّة فيه تقرير النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - له على القول المذكور.

ويؤخذ منها جواز وقف المشاع، وشاهده قوله " أمسك عليك بعض مالك " فإنّه ظاهر في أمره بإخراج بعض ماله وإمساك بعض ماله من غير تفصيل بين أن يكون مقسوماً أو مشاعاً، فيحتاج من منع


(١) أخرجه البخاري (١٣٦١) ومواضع أخرى , ومسلم (١٠٣٤) من حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه -.
أما لفظ " لا صدقة إلَّا .. " فأخرجه الإمام أحمد (٧١٥٥) من طريق عطاء عن أبي هريرة به. وأخرجه البخاري (١٤٢٨) من جه آخر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ حديث حكيم بن حزام.

<<  <  ج: ص:  >  >>