الحكم فلا يقع له ذلك إلَّا في الاستكثار من المباح أو المكروه. كما تقرّر قبل، ودونه تقع له الشّبهة في جميع ما ذكر بحسب اختلاف الأحوال.
ولا يخفى أنّ المستكثر من المكروه تصير فيه جرأة على ارتكاب المنهيّ في الجملة، أو يحمله اعتياده ارتكاب المنهيّ غير المحرّم على ارتكاب المنهيّ المحرّم إذا كان من جنسه. أو يكون ذلك لشبهةٍ فيه , وهو أنّ من تعاطى ما نُهي عنه يصير مظلم القلب لفقدان نور الورع , فيقع في الحرام ولو لَم يختر الوقوع فيه.
ووقع عند البخاري من رواية أبي فروة عن الشّعبيّ في هذا الحديث " فمن ترك ما شبّه عليه من الإثم كان لِما استبان له أترك، ومن اجترأ على ما يشكّ فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان ".
وهذا يرجّح الوجه الأوّل كما أشرت إليه.
وأبو فروة المذكور هو الأكبر. واسمه عروة بن الحارث الهمدانيّ الكوفيّ، ولهم أبو فروة الأصغر الجهنيّ الكوفيّ. واسمه مسلم بن سالمٍ , ما له في البخاريّ سوى حديث واحدٍ في أحاديث الأنبياء.
تنْبيهٌ: استدل به ابن المنير على جواز بقاء المجمل بعد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وفي الاستدلال بذلك نظر، إلَّا إن أراد به أنّه مجمل في حقّ بعض دون بعض، أو أراد الرّدّ على منكري القياس فيحتمل ما قال. والله أعلم.
قوله:(وقع في الحرام كالراعي يرعى) وللبخاري " ومن وقع في