تنْبيهٌ: ادّعى بعضهم أنّ التّمثيل من كلام الشّعبيّ، وأنّه مدرج في الحديث، حكى ذلك أبو عمرو الدّانيّ.
ولَم أقف على دليله إلَّا ما وقع عند ابن الجارود والإسماعيليّ من رواية ابن عون عن الشّعبيّ، قال ابن عون في آخر الحديث: لا أدري المثل من قول النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أو من قول الشّعبيّ.
قلت: وتردُّدُ ابنِ عون في رفعه لا يستلزم كونه مدرجاً؛ لأنّ الأثبات قد جزموا باتّصاله ورفعه، فلا يقدح شكّ بعضهم فيه.
وكذلك سقوط المثل من رواية بعض الرّواة - كأبي فروة عن الشّعبيّ - لا يقدح فيمن أثبته؛ لأنّهم حفّاظ. ولعل هذا هو السّرّ في حذف البخاريّ قوله " وقع في الحرام " ليصير ما قبل المثل مرتبطاً به فيسلم من دعوى الإدراج.
وممّا يقوّي عدم الإدراج رواية ابن حبّان الماضية، وكذا ثبوت المثل مرفوعاً في رواية ابن عبّاس وعمّار بن ياسر أيضاً.
قوله:(ألا وإن لكل ملكٍ حِمى، أَلَا وإنَّ حِمى الله محارمه) وللبخاري " ألا وإنّ حمى الله في أرضه ".
والمراد بالمحارم فعل المنهيّ المحرّم أو ترك المأمور الواجب، ولهذا وقع في رواية أبي فروة عن الشعبي عند البخاري التّعبير بالمعاصي بدل المحارم.
وقوله " ألا " للتّنبيه على صحّة ما بعدها، وفي إعادتها وتكريرها دليل على عظم شأن مدلولها.