قوله:(مضغة) أي: قدر ما يمضغ، وعبّر بها هنا عن مقدار القلب في الرّؤية، وسمّي القلب قلباً لتقلّبه في الأمور، أو لأنّه خالص ما في البدن، وخالص كلّ شيء قلبه، أو لأنّه وضع في الجسد مقلوباً.
وقوله:(إذا صلحت .. وإذا فسدت) هو بفتح عينهما وتضمّ في المضارع. وحكى الفرّاء , الضّمّ في ماضي صلح، وهو يضمّ وفاقاً إذا صار له الصّلاح هيئة لازمة لشرفٍ ونحوه، والتّعبير بإذا لتحقّق الوقوع غالباً، وقد تأتي بمعنى إن كما هنا.
وخصّ القلب بذلك لأنّه أمير البدن، وبصلاح الأمير تصلح الرّعيّة، وبفساده تفسد. وفيه تنبيه على تعظيم قدر القلب، والحثّ على صلاحه، والإشارة إلى أنّ لطيب الكسب أثراً فيه. والمراد المتعلق به من الفهم الذي ركّبه الله فيه.
ويستدلّ به على أنّ العقل في القلب، ومنه قوله تعالى {فتكون لهم قلوب يعقلون بها}. وقوله تعالى {إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب}.
قال المفسّرون: أي: عقْل. وعبّر عنه بالقلب لأنّه محلّ استقراره.
فائدة: لَم تقع هذه الزّيادة التي أوّلها " ألا وإنّ في الجسد مضغة " إلَّا في رواية الشّعبيّ، ولا هي في أكثر الرّوايات عن الشّعبيّ، إنّما تفرّد بها في الصّحيحين زكريّا المذكور عنه، وتابعه مجاهد عند أحمد، ومغيرة وغيره عند الطّبرانيّ.