وكأنّ المرأة أرادت أنّ غيرها يخبره، فلمّا لَم يخبروا بادرت هي فأخبرت.
وللبخاري من طريق الشّعبيّ عن ابن عمر قال: كان ناسٌ من أصحاب النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيهم سعد يعني. ابن أبي وقّاص , فذهبوا يأكلون من لحم فنادتهم امرأة من بعض أزواج النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
ولمسلمٍ من طريق يزيد بن الأصمّ عن ابن عبّاس , أنّه بينما هو عند ميمونة وعندها الفضل بن عبّاس وخالد بن الوليد وامرأة أخرى إذ قرّب إليهم خوان عليه لحم، فلمّا أراد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يأكل , قالت له ميمونة: إنّه لحم ضبّ، فكفّ يده.
وعُرف بهذه الرّواية اسم التي أُبهمت في الرّواية الأخرى.
وعند الطّبرانيّ في " الأوسط " من وجه آخر صحيح. فقالت ميمونة: أخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما هو.
قال ابن التّين: إنّما كان يسأل , لأنّ العرب كانت لا تعاف شيئاً من المآكل لقلتها عندهم، وكان هو - صلى الله عليه وسلم - قد يعاف بعض الشّيء فلذلك كان يسأل.
قلت: ويحتمل أن يكون سبب السّؤال أنّه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يكثر الكون في البادية فلم يكن له خبرة بكثير من الحيوانات.
أو لأنّ الشّرع ورد بتحريم بعض الحيوانات وإباحة بعضها , وكانوا لا يحرّمون منها شيئاً، وربّما أتوا به مشويّاً أو مطبوخاً فلا يتميّز عن غيره إلَّا بالسّؤال عنه.