إذا تعارض الحكم على المجتهد، أمّا الشّارع إذا سئل عن واقعة فلا بدّ أن يذكر فيها الحكم الشّرعيّ. وهذا هو الذي أراده ابن العربيّ , وجعل محطّ كلام ابن عبّاس عليه.
ثمّ وجدت في الحديث زيادةَ لفظةٍ سقطتْ من رواية مسلم , وبها يتّجه إنكار ابن عبّاس ويستغنى عن تأويل ابن العربيّ " لا آكله " بلا أحلّه , وذلك أنّ أبا بكر بن أبي شيبة - وهو شيخ مسلم فيه - أخرجه في " مسنده " بالسّند الذي ساقه به عند مسلم , فقال في روايته " لا آكله , ولا أنهى عنه , ولا أحلّه , ولا أحرّمه ".
ولعل مسلماً حذفها عمداً لشذوذها، لأنّ ذلك لَم يقع في شيء من الطّرق لا في حديث ابن عبّاس ولا غيره.
وأشهر مَن روى عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - " لا آكله , ولا أحرّمه " ابن عمر كما في الصحيحين، وليس في حديثه " لا أحلّه " , بل جاء التّصريح عنه بأنّه حلال.
فلم تثبت هذه اللفظة. وهي قوله " لا أحلّه " , لأنّها - وإن كانت من رواية يزيد بن الأصمّ - وهو ثقة - لكنّه أخبر بها عن قوم كانوا عند ابن عبّاس. فكانت رواية عن مجهول، ولَم يقل يزيد بن الأصمّ إنّهم صحابة حتّى يغتفر عدم تسميتهم.
واستدل بعض من منع أكله: بحديث أبي سعيد عند مسلم والنّسائيّ من حديث أبي سعيد: قال رجلٌ: يا رسولَ الله. إنّا بأرضٍ مضبّة، فما تأمرنا؟ قال: ذُكر لي أنّ أمة من بني إسرائيل مُسخت،