ماله أولى، ومن ثَمّ قال مالك: يراق اللبن المغشوش ولا يترك لصاحبه , وإن زعم أنّه ينتفع به بغير البيع أدباً له. انتهى.
وأمّا الثّاني: فقال النّوويّ: المأمور به من إراقة القدور إنّما هو إتلاف المرق عقوبة لهم، وأمّا اللحم فلم يتلفوه , بل يحمل على أنّه جمع وردّ إلى المغنم، ولا يظنّ أنّه أمر بإتلافه مع أنّه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعة المال , وهذا من مال الغانمين.
وأيضاً فالجناية بطبخه لَم تقع من جميع مستحقّي الغنيمة , فإنّ منهم من لَم يطبخ , ومنهم المستحقّون للخمس , فإن قيل: لَم ينقل أنّهم حملوا اللحم إلى المغنم , قلنا: ولَم ينقل أنّهم أحرقوه أو أتلفوه، فيجب تأويله على وفق القواعد. انتهى.
ويردّ عليه حديث أبي داود , فإنّه جيّد الإسناد , وترك تسمية الصّحابيّ لا يضرّ، ورجال الإسناد على شرط مسلم.
ولا يقال لا يلزم من تتريب اللحم إتلافه لإمكان تداركه بالغسل، لأنّ السّياق يشعر بأنّه أريد المبالغة في الزّجر عن ذلك الفعل، فلو كان بصدد أن ينتفع به بعد ذلك لَم يكن فيه كبير زجر، لأنّ الذي يخصّ الواحد منهم نزر يسير , فكان إفسادها عليهم مع تعلّق قلوبهم بها وحاجتهم إليها وشهوتهم لها أبلغ في الزّجر.
وأبعدَ المُهلَّب فقال: إنّما عاقبهم لأنّهم استعجلوا وتركوه في آخر القوم متعرّضاً لمن يقصده من عدوّ ونحوه.
وتعقّب: بأنّه - صلى الله عليه وسلم - كان مختاراً لذلك كما تقدّم تقريره، ولا معنى