قال: وعلى الجملة فالنّصوص المصرّحة بتحريم كلّ مسكر قلَّ أو كَثُر مغنية عن القياس. والله أعلم.
وقد قال عبد الله بن المبارك: لا يصحّ في حلّ النّبيذ الذي يسكر كثيره عن الصّحابة شيء ولا عن التّابعين، إلَّا عن إبراهيم النّخعيّ، قال: وقد ثبت حديث عائشة " كلّ شراب أسكر فهو حرام ".
وأمّا ما أخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي وائل: كنّا ندخل على ابن مسعود فيسقينا نبيذاً شديداً، ومن طريق علقمة: أكلْتُ مع ابن مسعود. فأُتينا بنبيذٍ شديد نبذتْه سيرين فشربوا منه.
فالجواب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: لو حُمل على ظاهره لَم يكن معارِضاً للأحاديث الثّابتة في تحريم كلّ مسكر.
ثانيها: أنّه ثبت عن ابن مسعود تحريم المسكر قليله وكثيره، فإذا اختلف القليل عنه كان الموافق لقول إخوانه من الصّحابة مع موافقة الحديث المرفوع أولى.
ثالثها: يحتمل أن يكون المراد بالشّدّة شدّة الحلاوة أو شدّة الحموضة , فلا يكون فيه حجّة أصلاً.
وأسند أبو جعفر النّحّاس عن يحيى بن معين , أنّ حديث عائشة " كلّ شراب أسكر فهو حرام " أصحُّ شيء في الباب.
وفي هذا تعقّب على من نقل عن ابن معين , أنّه قال: لا أصل له.
وقد ذكر الزّيلعيّ في " تخريج أحاديث الهداية " - وهو من أكثرهم