الخمر في الدنيا، ثم لَم يتب منها، حُرمها في الآخرة. متفق عليه، فإنّ الحكم فيها واحد , وهو نفي اللّبس ونفي الشّرب في الآخرة وفي الجنّة.
قال الخطّابيّ والبغويّ في " شرح السّنّة ": معنى الحديث لا يدخل الجنّة، لأنّ الخمر شراب أهل الجنّة، فإذا حُرِم شربها دلَّ على أنّه لا يدخل الجنّة.
وقال ابن عبد البرّ: هذا وعيدٌ شديدٌ يدلّ على حرمان دخول الجنّة، لأنّ الله تعالى أخبر أنّ في الجنّة أنهار الخمر لذّة للشّاربين، وأنّهم لا يصدّعون عنها ولا ينزفون. فلو دخلها - وقد علم أنّ فيها خمراً أو أنّه حرمها عقوبة له - لزم وقوع الهمّ والحزن في الجنّة، ولا همّ فيها ولا حزن، وإن لَم يعلم بوجودها في الجنّة , ولا أنّه حرمها عقوبة له لَم يكن عليه في فقدها أَلَم، فلهذا قال بعض من تقدّم: إنّه لا يدخل الجنّة أصلاً.
قال: وهو مذهب غير مرضيّ.
قال: ويحمل الحديث عند أهل السّنّة على أنّه لا يدخلها ولا يشرب الخمر فيها , إلَّا إن عفا الله عنه كما في بقيّة الكبائر , وهو في المشيئة.
فعلى هذا فمعنى الحديث: جزاؤه في الآخرة أن يحرمها لحرمانه دخول الجنّة , إلَّا إن عفا الله عنه.
قال: وجائز أن يدخل الجنّة بالعفو , ثمّ لا يشرب فيها خمراً ولا تشتهيها نفسه , وإن علم بوجودها فيها.