ويؤيّده حديث أبي سعيد مرفوعاً " من لبس الحرير في الدّنيا لَم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنّة لبسه أهل الجنّة , ولَم يلبسه هو ".
قلت: أخرجه الطّيالسيّ وصحَّحه ابن حبّان.
وقريبٌ منه حديث عبد الله بن عمرو رفعه: من مات من أمّتي وهو يشرب الخمر , حرّم الله عليه شربها في الجنّة. أخرجه أحمد بسندٍ حسن.
وقد لَخّص عياض كلام ابن عبد البرّ , وزاد احتمالاً آخر , وهو أنّ المراد بحرمانه شربها: أنّه يحبس عن الجنّة مدّةً إذا أراد الله عقوبته، ومثله الحديث الآخر " لَم يرح رائحة الجنّة ".
قال: ومَن قال لا يشربها في الجنّة بأن ينساها أو لا يشتهيها , يقول: ليس عليه في ذلك حسرة , ولا يكون ترك شهوته إيّاها عقوبة في حقّه، بل هو نقص نعيم بالنّسبة إلى من هو أتمّ نعيماً منه كما تختلف درجاتهم، ولا يلحق من هو أنقص درجة حينئذٍ بمن هو أعلى درجة منه استغناء بما أعطي واغتباطاً له.
وقال ابن العربيّ: ظاهر الحديثين , أنّه لا يشرب الخمر في الجنّة ولا يلبس الحرير فيها، وذلك لأنّه استعجل ما أمر بتأخيره ووعد به فحرمه عند ميقاته، كالوارث فإنّه إذا قتل مورّثه فإنّه يحرم ميراثه لاستعجاله. وبهذا قال نفر من الصّحابة ومن العلماء، وهو موضع احتمال وموقف إشكال، والله أعلم كيف يكون الحال.
وفصَّل بعض المتأخّرين بين من يشربها مستحلاً فهو الذي لا