تُلبسوا نساءكم الحرير، فإنّي سمعت عمر " فذكر حديث الباب.
قال: فإثبات قول بالكراهة دون التّحريم , إمّا أن ينقض ما نقله من الإجماع , وإمّا أن يثبت أنّ الحكم العامّ قبل التّحريم على الرّجال كان هو الكراهة , ثمّ انعقد الإجماع على التّحريم على الرّجال والإباحة للنّساء، ومقتضاه نسخ الكراهة السّابقة، وهو بعيد جدّاً.
وأمّا ما أخرج عبد الرّزّاق عن معمر عن ثابت عن أنس قال: لقي عمرُ عبدَ الرّحمن بن عوف فنهاه عن لبس الحرير , فقال: لو أطعتنا للبسته معنا، وهو يضحك.
فهو محمول على أنّ عبد الرّحمن فهم من إذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له في لبس الحرير نسخ التّحريم , ولَم ير تقييد الإباحة بالحاجة.
واختلف في عِلَّة تحريم الحرير على رأيين مشهورين:
أحدهما: الفخر والخيلاء.
الثّاني: لكونه ثوب رفاهية فيليق بزيّ النّساء دون شهامة الرّجال.
ويحتمل عِلَّة ثالثة , وهي التّشبّه بالمشركين.
قال ابن دقيق العيد: وهذا قد يرجع إلى الأوّل لأنّه من سِمة المشركين، وقد يكون المعنيان معتبرين إلَّا أنّ المعنى الثّاني لا يقتضي التّحريم , لأنّ الشّافعيّ قال في " الأمّ ": ولا أكره لباس اللّؤلؤ إلَّا للأدب فإنّه زيّ النّساء.
واستشكل بثبوت اللعن للمتشبّهين من الرّجال بالنّساء (١) فإنّه
(١) أخرجه البخاري (٥٨٨٥) من حديث ابن عبَّاس - رضي الله عنه - , قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال "