بالإنصات، فلو سلَّم لَم يجب الرّدّ عند مَن قال الإنصات واجب، ويجب عند مَن قال إنّه سنّة، وعلى الوجهين لا ينبغي أن يردّ أكثر من واحد.
وأمّا المشتغل بقراءة القرآن. فقال الواحديّ: الأولى ترك السّلام عليه , فإن سلَّم عليه كفاه الرّدّ بالإشارة، وإن ردّ لفظاً استأنف الاستعاذة وقرأ.
قال النّوويّ: وفيه نظرٌ، والظّاهر أنّه يشرع السّلام عليه , ويجب عليه الرّدّ.
ثمّ قال: وأمّا من كان مشتغلاً بالدّعاء مستغرقاً فيه مستجمع القلب فيحتمل أن يقال هو كالقارئ، والأظهر عندي أنّه يكره السّلام عليه , لأنّه يتنكّد به ويشقّ عليه أكثر من مشقّة الأكل. وأمّا الملبّي في الإحرام فيكره أن يسلم عليه , لأنّ قطعه التّلبية مكروه، ويجب عليه الرّدّ مع ذلك لفظاً أن لو سلم عليه.
قال: ولو تبرّع واحدٌ من هؤلاء بردّ السّلام إن كان مشتغلاً بالبول ونحوه فيكره , وإن كان آكلاً ونحوه فيستحبّ في الموضع الذي لا يجب، وإن كان مصلياً لَم يجز أن يقول بلفظ المخاطبة كعليك السّلام أو عليك فقط، فلو فعل بطلت إن علم التّحريم لا إن جهل في الأصحّ، فلو أتى بضمير الغيبة لَم تبطل، ويستحبّ أن يردّ بالإشارة، وإن ردّ بعد فراغ الصّلاة لفظاً فهو أحبّ، وإن كان مؤذّناً أو ملبّياً لَم يكره له الرّدّ لفظاً لأنّه قدر يسير لا يبطل الموالاة.