وقال ابن بطال: دلَّت طرق الحديث على أن الحلة المذكورة كانت من حرير محض، ثم ذكر من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر , أن عمر قال: يا رسول الله، إني مررتُ بعطارد يعرض حلة حرير للبيع " الحديث. أخرجه أبو عوانة والطبري بهذا اللفظ. قلت: وللبخاري في البيوع من طريق أبي بكر بن حفص عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه " حلة حرير أو سيراء "، وفي العيدين من طريق الزهري عن سالم " حلة من إستبرق " , وقد فسر الإستبرق في طريق أخرى بأنه ما غلظ من الديباج، أخرجه البخاري في " الأدب " من طريق يحيى بن إسحاق قال: سألني سالم عن الإستبرق؟ فقلت: ما غلظ من الديباج، فقال: سمعت عبد الله بن عمر " فذكر الحديث. ووقع عند مسلم من حديث أنس في نحو هذه القصة " حلة من سندس ". قال النووي: هذه الألفاظ تبين أن الحلة كانت حريراً محضاً. قلت: الذي يتبين أن السيراء قد تكون حريراً صرفاً , وقد تكون غير محض، فالتي في قصة عمر جاء التصريح بأنها كانت من حرير محض , ولهذا وقع في حديثه " إنما يلبس هذه من لا خلاق له " والتي في قصة علي لَم تكن حريراً صرفاً. لِما روى ابن أبي شيبة من طريق أبي فاختة عن هبيرة بن يريم عن عليٍّ قال: أُهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة مسيَّرة بحرير. إما سُداها أو لحمتها. فأرسل بها إليَّ فقلت: ما أصنع بها، ألبسها؟ قال: لا أرضى لك إلَّا ما أرضى لنفسي، ولكن اجعلها خمراً بين الفواطم. وقد أخرجه أحمد وابن ماجه من طريق ابن إسحاق عن هبيرة , فقال فيه: حلة من حرير " وهو محمول على رواية أبي فاختة - وهو بفاء ومعجمة ثم مثناة - اسمه سعيد بن علاقة بكسر المهملة وتخفيف اللام ثم قاف، ثقة. ولَم يقع في قصة عليٍّ - رضي الله عنه - وعيد على لبسها كما وقع في قصة عمر - رضي الله عنه -، بل فيه " لا أرضى لك إلَّا ما أرضى لنفسي " ولا ريب أن ترك لبس ما خالطه الحرير أولى من لبسه عند من يقول بجوازه. والله أعلم. انتهى كلام ابن حجر قلت: وحديث علي - رضي الله عنه - الذي أشار إليه ابن حجر , أصله في صحيح البخاري (٢٦١٤) ومسلم (٥٥٤٤) من طريق زيد بن وهب عن عليٍّ - رضي الله عنه - قال: أهدى إليَّ النبى - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء فلبستها، فرأيت الغضب فى وجهه، فشققتها بين نسائى. ولمسلم (٥٥٤٣) من طريق أبى صالح الحنفي عن علي , أن أُكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوب حرير فأعطاه علياً .. الحديث "