وأجاب بعض المالكيّة: بأنّها واقعة عين فلا عموم لها، ويحتمل: أن يكون صادف أنّه كان عند تلك السّنّ قد احتلم فلذلك أجازه.
وتجاسر بعضهم فقال: إنّما ردّه لضعفه لا لسنّه، وإنّما أجازه لقوّته لا لبلوغه.
ويردّ على ذلك. ما أخرجه عبد الرّزّاق عن ابن جريجٍ، ورواه أبو عوانة وابن حبّان في " صحيحَيهما " من وجه آخر عن ابن جريجٍ أخبرني نافع. فذكر هذا الحديث بلفظ " عُرضت على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق فلم يجزني , ولَم يَرَنِي بلغت "
وهي زيادة صحيحة لا مطعن فيها، لجلالة ابن جريجٍ وتقدّمه على غيره في حديث نافع، وقد صرّح فيها بالتّحديث فانتفى ما يخشى من تدليسه، وقد نصَّ فيها لفظ ابن عمر بقوله:" ولَم يرني بلغت " , وابن عمر أعلم بما روى من غيره , ولا سيّما في قصّة تتعلق به.
وفي الحديث: أنّ الإمام يستعرض من يخرج معه للقتال قبل أن تقع الحرب , فمن وجده أهلاً استصحبه وإلَّا ردّه، وقد وقع ذلك للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في بدر وأحد وغيرهما.
وعند المالكيّة والحنفيّة: لا تتوقّف الإجازة للقتال على البلوغ، بل للإمام أن يجيز من الصّبيان من فيه قوّة ونجدة، فربّ مراهق أقوى من بالغ.
وحديث ابن عمر حجّة عليهم , ولا سيّما الزّيادة التي ذكرتها عن ابن جريجٍ، والله أعلم.