النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أعطى للفرس سهمين ولكل إنسان سهماً , فكان للفارس ثلاثة أسهمٍ.
وللنّسائيّ من حديث الزّبير , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضرب له أربعة أسهم سهمين لفرسه وسهماً له وسهماً لقرابته.
قال محمّد بن سحنون: انفرد أبو حنيفة بذلك دون فقهاء الأمصار , ونُقل عنه أنّه قال: أكره أنّ أفضّل بهيمة على مسلم. وهي شبهةٌ ضعيفةٌ , لأنّ السّهام في الحقيقة كلها للرّجل.
قلت: لو لَم يثبت الخبر لكانت الشّبهة قويّة , لأنّ المراد المفاضلة بين الرّاجل والفارس فلولا الفرس ما ازداد الفارس سهمين عن الرّاجل , فمن جعل للفارس سهمين , فقد سوّى بين الفرس وبين الرّجل.
وقد تعقّب هذا أيضاً: لأنّ الأصل عدم المساواة بين البهيمة والإنسان. فلمّا خرج هذا عن الأصل بالمساواة , فلتكن المفاضلة كذلك.
وقد فضّل الحنفيّة الدّابّة على الإنسان في بعض الأحكام , فقالوا: لو قتل كلبَ صيدٍ قيمته أكثر من عشرة آلافٍ أدّاها , فإن قتل عبداً مسلماً لَم يؤدّ فيه إلَّا دون عشرةٍ آلاف درهم.
والحقّ. أنّ الاعتماد في ذلك على الخبر , ولَم ينفرد أبو حنيفة بما قال , فقد جاء عن عمر وعليّ وأبي موسى , لكنّ الثّابت عن عمر وعليّ كالجمهور من حيث المعنى بأنّ الفرس يحتاج إلى مؤنةٍ لخدمتها وعلفها , وبأنّه يحصل بها من الغنى في الحرب ما لا يخفى.