ولَم يحك أحدٌ ممّن وصف وضوءه عليه - صلى الله عليه وسلم - على الاستقصاء أنّه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة، وهو يردّ على من لَم يوجب المضمضة أيضاً، وقد ثبت الأمر بها أيضاً في سنن أبي داود بإسنادٍ صحيح. (١)
وذكر ابن المنذر , أنّ الشّافعيّ لَم يحتجّ على عدم وجوب الاستنشاق مع صحّة الأمر به , إلاَّ لكونه لا يعلم خلافاً في أنّ تاركه لا يعيد.
وهذا دليل قويّ، فإنّه لا يُحفظ ذلك عن أحدٍ من الصّحابة ولا التّابعين إلاَّ عن عطاء، وثبت عنه أنّه رجع عن إيجاب الإعادة، ذكره كلّه ابن المنذر، ولَم يذكر في هذه الرّواية عدداً.
وقد ورد في رواية سفيان عن أبي الزّناد ولفظه " وإذا استنثر فليستنثر وتراً " أخرجه الحميديّ في " مسنده " عنه، وأصله لمسلمٍ. وفي رواية عيسى بن طلحة عن أبي هريرة عند البخاري: إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضّأ فليستنثر ثلاثاً، فإنّ الشّيطان يبيت على خيشومه.
وعلى هذا فالمراد بالاستنثار في الوضوء التّنظيف لِمَا فيه من المعونة على القراءة؛ لأنّ بتنقية مجرى النّفس تصحّ مخارج الحروف، ويزاد للمستيقظ بأنّ ذلك لطرد الشّيطان.
قوله:(ومن استجمر) أي: استعمل الجمار - وهي الحجارة
(١) سنن أبي داود (١٤٢ , ١٤٣ , ١٤٤) ومن طريقه البيهقي في " الكبرى " (١/ ٦٨) من حديث لقيط بن صبرة. ضمن حديث. وفيه: إذا توضأتَ فمضمض.