القول الرابع: قال أبو حنيفة ومحمّد: لا تجوز شهادته بحالٍ إلاَّ فيما طريقه الاستفاضة.
واستدل به على جواز العمل بخبر الواحد، وعلى أنّ ما بعد الفجر من حكم النّهار. وعلى جواز الأكل مع الشّكّ في طلوع الفجر , لأنّ الأصل بقاء الليل، وخالف في ذلك مالك. فقال: يجب القضاء.
وعلى جواز الاعتماد على الصّوت في الرّواية إذا كان عارفاً به وإن لَم يشاهد الرّاوي، وخالف في ذلك شُعبة لاحتمال الاشتباه.
وعلى جواز ذكر الرّجل بما فيه من العاهة إذا كان يقصد التّعريف ونحوه، وجواز نسبة الرّجل إلى أمّه إذا اشتهر بذلك واحتيج إليه.
قوله:(ابن أمّ مكتوم) اسمه عمرو، وقيل: كان اسمه الحصين فسمّاه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عبدَ الله، ولا يمتنع أنّه كان له اسمان، وهو قرشيٌّ عامريٌّ، أسلم قديماً، والأشهر في اسم أبيه قيس بن زائدة.
وكان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يكرمه ويستخلفه على المدينة، وشهد القادسيّة في خلافة عمر فاستشهد بها، وقيل: رجع إلى المدينة فمات.
وهو الأعمى المذكور في سورة عبس، واسم أمّه عاتكة بنت عبد الله المخزوميّة. وزعم بعضهم. أنّه ولد أعمى فكنّيت أمّه أمّ مكتومٍ لانكتام نور بصره، والمعروف أنّه عمي بعد بدر بسنتين (١).
(١) قال الشيخ ابن باز رحمه الله (٢/ ١٣٢): هذا فيه نظرٌ , لأنَّ ظاهر القرآن يدلُّ على أنه عَمِي قبل الهجرة , لأنَّ سورة عبس النازلة فيه مكية , وقد وصفه الله فيها بأنه أعمى. فتنبه