للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينفي كونها جدّة إسحاق لِمَا بيّنّاه، لكنّ الرّواية التي سأذكرها عن " غرائب مالك " ظاهرة في أنّ مُلَيْكة اسم أمّ سليمٍ نفسها. والله أعلم.

قوله: (لطعامٍ) أي: لأجل طعام، وهو مشعر بأنّ مجيئه كان لذلك , لا ليصلي بهم ليتّخذوا مكان صلاته مصلّىً لهم كما في قصّة عتبان بن مالك (١)، وهذا هو السّرّ في كونه بدأ في قصّة عتبان بالصّلاة قبل الطّعام، وهنا بالطّعام قبل الصّلاة، فبدأ في كلّ منهما بأصل ما دُعي لأجله.

قوله: (ثمّ قال: قوموا) استدل به على ترك الوضوء ممّا مسّت النّار لكونه صلَّى بعد الطّعام.

وفيه نظرٌ (٢) لِمَا رواه الدّارقطنيّ في " غرائب مالك " عن البغويّ


(١) أخرجه البخاري (٤٢٥) ومسلم (٣٣) محمود بن الربيع الأنصاري , أنَّ عتبان بن مالك أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لم أستطع أنْ آتي مسجدهم فأصلّي بهم، ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلّي في بيتي، فأتخذَه مُصلّى. قال: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سأفعل إن شاء الله. قال عتبان: فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت ثم قال: أين تحبُ أن أصلّي من بيتك؟ قال: فأشرتُ له إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبَّر .. الحديث.
(٢) أي: الاستدلال بهذا الحديث. لا أصل المسألة , فقد تكاثرت الأدلة على ترك الوضوء مما مست النار بعد الأمر بالوضوء منه في الصحيحين وغيرهما.
ولذا قال النووي كما نقله عنه الشارح في " الفتح " (١/ ٤٠٧) وأقرَّه: كان الخلاف فيه معروفاً بين الصحابة والتابعين ثم استقرَّ الإجماع على أنَّه لا وضوء مما مسَّت النار إلاَّ ما تقدم استثناؤه من لحوم الإبل , وجمعَ الخطابيُّ بوجه آخر. وهو أنَّ أحاديث الأمر محمولة على الاستحباب لا على الوجوب. والله أعلم. انتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>