قلت: حديث خبّاب. أخرجه البخاري عن أبي معمر، قال: قلنا لخباب: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بِمَ كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته.
ونقل ابن بطّالٍ عن الشّافعيّ , أنّ سبب هذه السّكتة للإمام أن يقرأ المأموم فيها الفاتحة، ثمّ اعترضه بأنّه لو كان كذلك لقال في الجواب: أسكت لكي يقرأ من خلفي.
وردّه ابن المنير: بأنّه لا يلزم من كونه أخبره بصفة ما يقول أن لا يكون سبب السّكوت ما ذكر. انتهى.
وهذا النّقل من أصله غير معروفٍ عن الشّافعيّ ولا عن أصحابه.
إلاَّ أنّ الغزاليّ قال في الإحياء: إنّ المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح.
وخولف في ذلك، بل أطلق المتولي وغيره كراهة تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام. وفي وجهٍ: إن فرغها قبله بطلت صلاته، والمعروف أنّ المأموم يقرؤها إذا سكت الإمام بين الفاتحة والسّورة، وهو الذي حكاه عياض وغيره عن الشّافعيّ.
وقد نصّ الشّافعيّ. على أنّ المأموم يقول دعاء الافتتاح كما يقوله الإمام، والسّكتة التي بين الفاتحة والسّورة ثبت فيها حديث سمرة عند أبي داود وغيره.
قوله:(باعد) المراد بالمباعدة محو ما حصل منها والعصمة عمّا سيأتي منها، وهو مجازٌ؛ لأنّ حقيقة المباعدة إنّما هي في الزّمان والمكان