قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد: وهذا تحقيق بالغ , قال: وقد يجاب عنه بأنْ يقال: دلَّ الدليل من الحديث المعين على وقوع هذا الفعل , والأصل عدم غيره , فتعين أن يكون بياناً , وهذا قوي فيما إذا وجدنا فعلاً لَم يقم الدليل على عدم وجوبه , فأما إذا وجد فإن جعلناه مبيناً بدلالة الأصل على عدم غيره , ودلّ الدليل على عدم وجوبه لزم النسخ لذلك الوجوب الذي ثبت فيه أولاً , ولا شك أنَّ مخالفة الأصل أقرب من التزام النسخ. خامسها: قولها: يستفتح الصلاة بالتكبير " تعني بالتكبير الذي هو تحريم للصلاة , كما ثبت: تحريمها التكبير. صحَّحه الحاكم من حديث أبي سعيد على شرط مسلم , ولا شك أنَّ التحريم لا يحصل بالتكبير وحده , بل به وبالنية , وهما أمران أحدهما قائم بالقلب , والثاني بالمنطق , فيتحمل أنها عبرت بالأخص عن الأعم للعلم به. ويحتمل: أنها ذكرتْه للتنبيه على تعيّن لفظ التكبير دون غيره , وأن استفتاح الصلاة بالنية كان معلوماً عندهم , وهي قصد الطاعة بالصلاة , كما أنَّ الإخلاص في الطاعة لله لا بدَّ منه في الاستفتاح وغيره , وهو تصفية العمل من الشوائب , بأن لا يقصد بالعمل للنفس , ولا للهوى , ولا للدنيا , بل للتقرب إلى الله تعالى فكذلك النية , وكلاهما كان عندهم معلوماً , فلهذا استغنت بذكر التكبير عنهما , ونقل خلاف ذلك عن بعض المتقدمين. قال الشيخ تقي الدين: تأوله بعضهم على مالك , والمعروف خلافه عنه وعن غيره. سادسها: تكبيرة الإحرام: ركن على المشهور عندنا , وبه قال مالك. وقيل: شرط , حكاه الروياني في بحره , وهو مقتضى قول الطبري في الصلاة الرباعية: خمسة وأربعون خصلة: ثمانية منها قبل الدخول , النية والتكبير , ثم عد باقي الشروط , وهو مذهب أبي حنيفة. وتظهر فائدة الخلاف فيما لو كبّر وفي يده نجاسة ثم ألقاها في أثناء التكبير , أو شرع في =