واعترض عليه بأنّه تناقضٌ، وليس كما قال المعترض، فلعله أراد إجماع من قبل المذكورين , أو لَم يثبت عنده عنهما , أو لأنّ الاستحباب لا ينافي الوجوب.
وبالاعتذار الأوّل يندفع اعتراض من أورد عليه أنّ مالكاً قال في روايته عنه: إنّه لا يستحبّ، نقله صاحب التّبصرة منهم، وحكاه الباجيّ عن كثيرٍ من متقدّميهم.
وأسلم العبارات قول ابن المنذر: لَم يختلفوا أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصّلاة.
وقول ابن عبد البرّ: أجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصّلاة. وممَن قال بالوجوب أيضاً الأوزاعيّ والحميديّ - شيخ البخاريّ - وابن خزيمة من أصحابنا. نقله عنه الحاكم في ترجمة محمّد بن عليّ العلويّ، وحكاه القاضي حسين عن الإمام أحمد.
وقال ابن عبد البرّ: كلّ من نقل عنه الإيجاب لا يبطل الصّلاة بتركه , إلاَّ في روايةٍ عن الأوزاعيّ والحميديّ.
قلت: ونقل بعض الحنفيّة عن أبي حنيفة يأثم تاركه.
وأمّا قول النّوويّ في شرح المهذّب: أجمعوا على استحبابه. ونقله ابن المنذر , ونقل العبدريّ عن الزّيديّة. أنّه لا يرفع , ولا يعتدّ بخلافهم. ونقل القفّال عن أحمد بن سيّار أنّه أوجبه، وإذا لَم يرفع لَم تصحّ صلاته، وهو مردودٌ بإجماع من قبله.