القول الثاني: اشتهر عن الحنفيّة أنّ الطّمأنينة سنّة، وصرّح بذلك كثيرٌ من مصنّفيهم، لكنّ كلام الطّحاويّ كالصّريح في الوجوب عندهم، فإنّه ترجم (مقدار الرّكوع والسّجود)، ثمّ ذكر الحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره في قوله " سبحان ربّي العظيم ثلاثاً في الرّكوع , وذلك أدناه ".
قال (١): فذهب قومٌ إلى أنّ هذا مقدار الرّكوع والسّجود لا يجزئ أدنى منه، قال: وخالفهم آخرون فقالوا: إذا استوى راكعاً واطمأنّ ساجداً أجزأ، ثمّ قال: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمّد.
قال ابن دقيق العيد: تكرّر من الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه , وعلى عدم وجوب ما لَم يذكر، أمّا الوجوب فلتعلّق الأمر به، وأمّا عدمه فليس لمجرّد كون الأصل عدم الوجوب، بل لكون الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل، وذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذكر , ويتقوّى ذلك بكونه - صلى الله عليه وسلم - ذكر ما تعلَّقت به الإساءة من هذا المُصلِّي وما لَم تتعلَّق به، فدلَّ على أنّه لَم يقصر المقصود على ما وقعت به الإساءة.
قال: فكلّ موضع اختلف الفقهاء في وجوبه - وكان مذكوراً في هذا الحديث - فلنا أن نتمسّك به في وجوبه، وبالعكس.
لكن يحتاج أوّلاً إلى جمع طرق هذا الحديث وإحصاء الأمور المذكورة فيه والأخذ بالزّائد فالزّائد، ثمّ إن عارض الوجوب أو