الإخبار دون التّوقّف على اليقين؛ لأنّ الطّريق إلى العلم بقراءة السّورة في السّرّيّة لا يكون إلاَّ بسماع كلها، وإنّما يفيد يقين ذلك لو كان في الجهريّة، وكأنّه مأخوذٌ من سماع بعضها مع قيام القرينة على قراءة باقيها.
ويحتمل: أن يكون الرّسول - صلى الله عليه وسلم - كان يخبرهم عقب الصّلاة دائماً أو غالباً بقراءة السّورتين، وهو بعيدٌ جدّاً. والله أعلم.
قوله:(وفي الركعتين الأخريين بأمّ الكتاب) ولمسلم " بفاتحة الكتاب " يعني بغير زيادة , وسكت عن ثالثة المغرب رعايةً للفظ الحديث مع أنَّ حكمها حكم الأخريين من الرباعية.
ويحتمل: أن يكون لَم يذكرها. لِما رواه مالك من طريق الصنابحي , أنه سمع أبا بكر الصديق يقرأ فيها (ربنا لا تزغ قلوبنا .. الآية). وفيه التّنصيص على قراءة الفاتحة في كل ركعةٍ.
قال ابن خزيمة: قد كنت زماناً أحسب أنّ هذا اللفظ لَم يروه عن يحيى غير همّامٍ. وتابعه أبان (١) , إلى أن رأيت الأوزاعيّ قد رواه أيضاً عن يحيى.
يعني أنّ أصحاب يحيى اقتصروا على قوله " كان يقرأ في الأوّليّين بأمّ الكتاب وسورةٍ " كما تقدّم عنه من طرقٍ , وأنّ همّاماً زاد هذه
(١) رواية همَّام أخرجها الشيخان. وهي التي أوردها صاحب العمدة هنا. أمَّا متابعة أبان بن يزيد العطار فهي عند مسلم. والحديث أخرجه الشيخان من طرق أخرى عن يحيى بن أبي كثير. دون هذه الزيادة. كما أشار إليه الشارح. وإخراجُ الشيخين لها مما يُطمْئن لثبوتها.