للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يردّ على أبي داود ادّعاء نسخ التّطويل , لأنّه روى عقب حديث زيد بن ثابتٍ من طريق عروة , أنّه كان يقرأ في المغرب بالقصار.

قال: وهذا يدلّ على نسخ حديث زيدٍ، ولَم يبيّن وجه الدّلالة.

وكأنّه لَمّا رأى عروةَ راوي الخبر عمل بخلافه , حمله على أنّه اطّلع على ناسخه، ولا يخفى بُعد هذا الحمل، وكيف تصحّ دعوى النّسخ , وأمّ الفضل تقول: إنّ آخر صلاةٍ صلاها بهم قرأ بالمرسلات؟.

قال ابن خزيمة في " صحيحه ": هذا من الاختلاف المباح، فجائزٌ للمصلي أن يقرأ في المغرب وفي الصّلوات كلها بما أحبّ، إلاَّ أنّه إذا كان إماماً استحبّ له أن يخفّف في القراءة كما تقدّم. انتهى.

وهذا أولى من قول القرطبيّ: ما ورد في مسلمٍ وغيره من تطويل القراءة فيما استقرّ عليه التّقصير أو عكسه فهو متروكٌ.

وادّعى الطّحاويّ: أنّه لا دلالة في شيءٍ من الأحاديث الثّلاثة (١) على تطويل القراءة، لاحتمال أن يكون المراد أنّه قرأ بعض السّورة.

ثمّ استدل لذلك بما رواه من طريق هشيمٍ عن الزّهريّ في حديث جبير بلفظ: فسمعته يقول (إنّ عذاب ربّك لواقعٌ) قال: فأخبر أنّ الذي سمعه من هذه السّورة , هي هذه الآية خاصّةً. انتهى.

وليس في السّياق ما يقتضي قوله " خاصّةً " مع كون رواية هشيمٍ عن الزّهريّ بخصوصها مضعّفةً، بل جاء في روايات أخرى ما يدلّ


(١) يعني: حديث زيد بن ثابت في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمغرب في الأعرف , وحديث أم الفضل في قراء المرسلات وحديث الباب

<<  <  ج: ص:  >  >>