للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعقّب: بحديث ابن مسعود في الصحيحين ففيه " إنّما أنا بشرٌ أنسى كما تنسون " , فأثبت العلة قبل الحكم , وقيّد الحكم بقوله " إنّما أنا بشر " ولَم يكتف بإثبات وصف النّسيان حتّى دفع قول من عساه يقول: ليس نسيانه كنسياننا , فقال " كما تنسون ".وبهذا الحديث يردّ أيضاً القول الآتي.

وقيل: معنى قوله " لَم أنس " إنكار اللفظ الذي نفاه عن نفسه حيث قال " إنّى لا أنسى , ولكن أنسّى "، وإنكار اللفظ الذي أنكره على غيره حيث قال: بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كذا وكذا. (١)

وقد تعقّبوا هذا أيضاً: بأنّ حديث " إنّي لا أنسى .. " , لا أصل له , فإنّه من بلاغات مالك التي لَم توجد موصولة بعد البحث الشّديد.

وأمّا الآخر: فلا يلزم من ذمّ إضافة نسيان الآية ذمّ إضافة نسيان كل شيءٍ فإنّ الفرق بينهما واضح جدّاً.

وقيل: إنّ قوله " لَم أنس " , راجع إلى السّلام , أي: سلمت قصداً بانياً على ما في اعتقادي أنّي صليت أربعاً.

وهذا جيّد، وكأنّ ذا اليدين فهم العموم , فقال " بلى قد نسيت " وكأنّ هذا القول أوقع شكّاً احتاج معه إلى استثبات الحاضرين. وبهذا التّقرير يندفع إيراد من استشكل كون ذي اليدين عدلاً ولَم يقبل خبره بمفرده، فسبب التّوقّف فيه كونه أخبر عن أمرٍ يتعلق بفعل المسئول مغاير لِمَا في اعتقاده.


(١) أخرجه البخاري (٤٧٤٤) ومسلم (٧٩٠) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -

<<  <  ج: ص:  >  >>