وقال النّوويّ: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بوجوب هذا الدّفع، بل صرّح أصحابنا بأنّه مندوب. انتهى.
وقد صرّح بوجوبه أهّل الظّاهر، فكأنّ الشّيخ لَم يراجع كلامهم فيه , أو لَم يعتدّ بخلافهم.
قوله:(فإنّما هو شيطانٌ) أي: فعله فعل الشّيطان؛ لأنّه أبى إلاَّ التّشويش على المُصلِّي. وإطلاق الشّيطان على المارد من الإنس سائغ شائع وقد جاء في القرآن قوله تعالى (شياطين الإنس والجنّ).
وقال ابن بطّال: في هذا الحديث جواز إطلاق لفظ الشّيطان على من يفتن في الدّين، وأنّ الحكم للمعاني دون الأسماء، لاستحالة أن يصير المارّ شيطاناً بمجرّد مروره. انتهى.
وهو مبنيٌّ على أنّ لفظ " الشّيطان " يطلق حقيقةً على الجنّيّ ومجازاً على الإنسيّ، وفيه بحث.
ويحتمل: أن يكون المعنى: فإنّما الحامل له على ذلك الشّيطان. وقد وقع في روايةٍ للإسماعيليّ " فإنّما هو شيطان " ونحوه لمسلمٍ من حديث ابن عمر بلفظ " فإنّ معه القرين ".
واستنبط ابن أبي جمرة من قوله " فإنّما هو شيطان " أنّ المراد بقوله " فليقاتله " المدافعة اللطيفة لا حقيقة القتال، قال: لأنّ مقاتلة الشّيطان إنّما هي بالاستعاذة والتّستّر عنه بالتّسمية ونحوها، وإنّما جاز الفعل اليسير في الصّلاة للضّرورة، فلو قاتله حقيقة المقاتلة لكان أشدّ على