وفيه نظرٌ، فقد أخرج عبد الرّزّاق بإسنادٍ صحيح عن طاوسٍ ما يدلّ على أنّه يرى وجوب الاستعاذة المأمور بها في حديث أبي هريرة المذكور في الباب (١) , وذلك أنّه سأل ابنه: هل قالها بعد التّشهّد؟ فقال: لا، فأمره أن يعيد الصّلاة. وبه قال بعض أهل الظّاهر.
وأفرط ابن حزم فقال بوجوبها في التّشهّد الأوّل أيضاً.
وقال ابن المنذر: لولا حديث ابن مسعود " ثمّ ليتخيّر من الدّعاء " لقلت بوجوبها، وقد قال الشّافعيّ أيضاً بوجوب الصّلاة على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد التّشهّد.
وادّعى أبو الطّيّب الطّبريّ من أتباعه والطّحاويّ وآخرون , أنّه لَم يُسبق إلى ذلك، واستدلّوا على ندبيّتها بحديث الباب مع دعوى الإجماع.
وفيه نظرٌ , لأنّه ورد عن أبي جعفر الباقر والشّعبيّ وغيرهما ما يدلّ على القول بالوجوب.
وأعجب من ذلك , أنّه صحّ عن ابن مسعود - راوي حديث الباب - ما يقتضيه، فعند سعيد بن منصور وأبي بكر بن أبي شيبة بإسنادٍ صحيح إلى أبي الأحوص قال: قال عبد الله: يتشهّد الرّجل في الصّلاة , ثمّ يُصلِّي على النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , ثمّ يدعو لنفسه بعد.
(١) أي: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي إن شاء الله بعد حديث.