للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث: «من داوم على اللحم أربعين يوما قسا قلبه ومن تركه أربعين يوما ساء خلقه» ، وقيل: المائدة التي أنزلت على بني إسرائيل كان عليها كل البقول إلا الكرّاث، وسمكة عند رأسها خل وعند ذنبها ملح وسبعة أرغفة على كل واحد زيتون وحب رمان.

ودخل ابن قزعة يوما على عز الدولة وبين يديه طبق فيه موز فتأخر عن استدعائه، فقال ما بال مولانا ليس يدعوني إلى الفوز بأكل الموز؟ فقال: صفه حتى أطعمك منه فقال: ما الذي أصف من حسن لونه، فيه سبائك ذهبية كأنها حشيت زبدا وعسلا، أطيب الثمر كأنه مخ الشحم، سهل المقشرلين المكسر عذب المطعم بين الطعوم، سلس في الحلقوم، ثم مد يده وأكل.

وسمع رجلا يذم الزبد فقال له: ما الذي ذممت منه سواد لونه أم بشاعة طعمه أم صعوبة مدخله أم خشونة ملمسه؟

وقيل له: ما تقول في الباذنجان فقال: أذناب المحاجم وبطون العقارب وبزور الزقوم. قيل له أنه يحشى باللحم فيكون طيبا، فقال لو حشي بالتقوى والمغفرة ما أفلح.

وصنع الحجاج وليمة واحتفل فيها ثم قال لزاذان: هل عمل كسرى مثلها؟ فاستعفاه، فأقسم عليه فقال: أو لم عبد عند كسرى فأقام على رؤوس الناس ألف وصيفة، في يد كل واحد إبريق من ذهب. فقال الحجاج: أف والله ما تركت فارس لمن بعدها من الملوك شرفا.

وأهدى رجل إلى آخر فالوذجة زنخة وكتب إليه: إني اخترت لعملها السكر السوسي والعسل المارداني والزعفران الأصبهاني، فأجابه: والله العظيم ما عملت إلا قبل أن توجد أصبهان وقبل أن تفتح السوس وقبل أن يوحي ربك إلى النحل.

وقيل أن أبا جهنم بن عطية كان عينا لأبي مسلم الخولاني على المنصور، فأحس المنصور بذلك فطاوله الحديث يوما حتى عطش، فاستسقى فدعا له بقدح من سويق اللوز فيه السم فناوله إياه فشرب منه فما بلغ داره حتى مات، فقيل في ذلك:

تجنّب سويق اللوز لا تقربنّه ... فشرب سويق اللوز أردى أبا جهم

وقال أبو طالب المأموني:

فما حملت كفّ أمرىء متطعما ... ألذّ وأشهى من أصابع زينب

وأصابع زينب «١» ضرب من الحلوى يعمل ببغداد، يشبه أصابع النساء المنقوشة. ودخل السائب على علي رضي الله تعالى عنه في يوم شات، فناوله قدحا فيه عسل وسمن ولبن، فأباه «٢» فقال أما أنك لو شربته لم تزل دفئا شبعان سائر يومك.

وعن نافع بن أبي نعيم قال: كان أبو طالب يعطي عليا قدحا من اللبن يصبه على اللات، فكان علي يشرب اللبن ويبول على اللات.

[وأما الزهد في المآكل:]

فقد زهد فيه كثير من الأخيار مع القدرة عليه، ومنهم من لا يقدر عليه. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها، والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ما كان لنا منخل ولا أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزا منخولا منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبض، قيل: فكيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: كنا نقول أف أف.

وعن جابر رضي الله تعالى عنه رفعه: نعم الأدم الخل وكفى بالمرء سرفا أن يتسخط ما قرب إليه. وقال عمر رضي الله تعالى عنه: ما اجتمع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أدمان إلا أكل أحدهما وتصدق بالآخر. وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها ما كان يجتمع لونان في لقمة في فم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان لحما لم يكن خبزا وإن كان خبزا لم يكن لحما.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا علي ابدأ بالملح واختم به فإن فيه شفاء من سبعين داء. وروي أن نبيا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام شكا إلى الله الضعف فأمره أن يطبخ اللحم باللبن فإن القوة فيهما. وسنذكر فضل الزهد في المآكل والمشارب في باب مدح الفقراء إن شاء الله تعالى.

[وأما ما جاء في آداب الأكل]

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال عند مطعمه ومشربه بسم الله خير الأسماء بسم الله رب الأرض والسماء لم يضره ما أكل وما شرب» . وكان صلى الله عليه وسلم إذا وضع بين يديه الطعام قال: بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وعليك خلفه.

<<  <   >  >>