الإناث؟ قال: لا. وكان صلى الله عليه وسلم يركبه في حوايجه وإذا أراد حاجة عند إنسان أرسله إليه فيدفع الباب برأسه فيخرج صاحب البيت فيعرفه ويقضي حاجته. فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بئر كانت لأبي الهيثم فتردى فيها جزعا على النبي صلى الله عليه وسلم فكانت قبره وقيل هذا الحديث منكر وقد ذكره السهيلي في التعريف والإعلام وللناس في ذمه ومدحه أقوال متباينة بحسب الأغراض. فمن مدحه أن أبا صفوان وجد راكبا على حمار فقيل له في ذلك فقال: عير هي من نسل الأكراد يحمل الرحل ويبلغ العقبة ويمنعني أن أكون جبارا في الأرض وقال آخر: وأقل الدواب مؤنة وأكثرها معونة وأخفضها مهوى وأقربها مرتعا وكان حمار أبي يسارة مثلا في الصحة والقوة وهو حمار أسود حمل الناس عليه من منى إلى المزدلفة أربعين سنة وكان خالد بن صفوان والفضل بن عيسى الرقاشي يختاران ركوب الحمار ويجعلان أبا يسارة قدوة لهما وحجة. ومن ذمه ما نقل عن عبد الحميد الكاتب أنه قال: لا تركب الحمار فإنه إن كان فارها أتعب يدك وإن كان بليدا أتعب رجلك وقيل: ما ينبغي لمركب الدجال أن يكون مركبا للرجال. وقال أعرابي: الحمار بئس المطية إن أوقفته أدلى وإن تركته ولى كثير الروث قليل الغوث سريع إلى الفرارة بطيء في الغارة لا توقى به الدماء ولا تمهر به النساء ولا يحلب في الإناء، قال الزمخشري:
إنّ الحمار ومن فوقه ... حماران شرّهما الرّاكب
ومن العرب من لا يركبه أبدا ولو بلغت به الحاجة والجهد.
قيل: كان لرجل بالبادية حمار وكلب وديك فالديك يوقظه للصلاة والكلب يحرسه إذا نام والحمار يحمل أثاثه إذا رحل قال: فجاء الثعلب فأكل الديك فقال: عسى أن يكون خيرا ثم أصيب الكلب بعد ذلك، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عسى أن يكون خيرا ثم جاء الذئب فبقر بطن الحمار فقال: عسى أن يكون خيرا، قال:
ثم إن جيرانه من الحي أغير عليهم فأخذوا فأصبح ينظر إلى منازلهم وقد خلت، فقيل له: إنما أخذوا بأصوات دوابهم فقال: إنما كانت الخيرة في هلاك ما عندي فمن عرف لطف الله رضي بفعله.
[(حمام) :]
هو أنواع كثيرة والكلام في الذي ألف البيوت وهو قسمان أحدهما بري وهو الذي يوجد في القرى والآخر أهلي وهو أنواع وأشكال فمنه الرواعب والمراعيش والشداد والغلاب والمنسوب ومن طبعه أنه يطلب وكره ولو كان في مسافة بعيدة ولأجل ذلك يحمل الأخبار ومنه من يقطع عشرة فراسخ في يوم واحد وربما صيد وغاب عن وطنه عشر سنين وهو على ثبات عقله وقوة حفظه حتى يجد فرصة فيطير ويعود إلى وطنه وسباع الطير تطلبه أشد الطلب وخوفه من الشاهين أشد من غيره وهو أطير منه لكن إذا أبصره يعتريه ما يعتري الحمار إذا رأى الأسد والشاة إذا رأت الذئب والفأر إذا رأى الهر ومن طبعه أنه لا يريد إلا ذكره إلى أن يهلك أو يفقد أحدهما ويحب الملاعبة والتقبيل ويسفد لتمام أربعة أشهر ويحمل أربعة عشر يوما ويبيض بيضتين ويحضن عشرين يوما ويخرج من إحدى البيضتين ذكر والأخرى أنثى واتخاذها في البيوت لا بأس به غير أنه لا يجوز تطييرها والاشتغال بها والارتقاء بها على الأسطحة وعليه حمل أهل العلم قوله عليه الصلاة والسلام:«شيطان يتبع شيطانة حين رأى شخصا يتبع حمامة» ، فإن لم يحصل شيء مما ذكر جاز اتخاذها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اتخذوا الحمام في بيوتكم فإنها تلهي الجن عن صبيانكم واللعب بها من عمل قوم لوط» . وقال النخعي: من لعب بالحمام لم يمت حتى يذوق ألم الفقر ولم يوجد شيء أبله من الحمام، فإنه تؤخذ أفراخه، فتذبح في مكان ثم يعود في ذلك المكان ويبيض فيه ويفرخ.
وقال الجاحظ: وللحمام من الفضيلة والفخر أن الحمامة قد تبتاع بخمسمائة دينار، ولم يبلغ ذلك القدر شيء من الطير وغيره، وهو الهادر الذي جاوز الغاية قالوا: ولو دخلت بغداد والبصرة وجدت ذلك بلا معاناة ولو حدثت أن برذونا أو فرسا بيع بخمسمائة دينار لكان ذلك سمرا، وقد تباع البيضة الواحدة من بيض ذلك الحمام بخمسة دنانير، والفرخ بعشرين، فمن كان له زوج منه قام في الغلة مقام ضيعة وأصحابه يبنون من أثمانه الدور والحوانيت وهو مع ذلك ملهى عجيب ومنظر أنيق.
الخواص: دمه ينفع الجراحات العارضة للعين والغشاوة، ويقطع الرعاف ويبرىء حرق النار إذا خلط بالزيت منه، وزبل الأحمر ينفع للسع العقرب إذا وضع عليه وإذا شرب منه مقدار درهمين مع ثلاثة دراهم دار صيني نفع من الحصاة.
[(حرف الخاء) :]
[(الخطاف) :]
أنواع كثيرة، فمنه نوع دون العصفور رمادي اللون يسكن ساحل البحر ومنه ما لونه أخضر