بعضها، فوجدت شخصا، فسلمت عليه، فرحب بي وسألني عن حاجتي، فذكرت له غرضي فأمر يهوديا يذهب معي، فيوقفني على البئر، ويطلعني على الملكين. قال، فسرنا إلى البئر، ففتح سردابا ونزلنا، فأمرني أن لا أذكر اسم الله تعالى. قال: فلما رأيت الملكين رأيت شيئا كالجبلين العظيمين منكسين على رؤوسهما الحديد من أعناقهما إلى ركبهما. قال مجاهد: فلما رأيت ذلك ذكرت الله تعالى. قال: فاضطربا اضطرابا شديدا حتى كادا يقطعان السلاسل. قال، ففر اليهودي، فتعلقت به، فقال:
أما أمرتك أن لا تذكر اسم الله تعالى كدنا والله نهلك.
بئر برهوت: بقرب حضر موت، وهي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم إنها مجمع أرواح الكفار، قال علي كرم الله وجهه: أبغض البقاع إلى الله تعالى بئر برهوت ماؤها أسود منتن تأوي إليها الكفار، والموكل بها ملك يسمى دومة.
بئر عسفان: ماؤها يستشفى به. قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم تفل فيها. قالت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما: كنا نغسل المريض منها، فيعافى. وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ منها.
بئر معروفة بأرض حلب: خاصيتها أنها إذا شرب منها المكلوب زال كلبه ما لم يجاوز الأربعين. وبنيسابور آبار كثيرة، وهي معادن الفيروزج، وإنما يمنع الناس عنها كثرة عقاربها.
وبأرض فارس بئر ينبع منها ماء في وقت من السنة، فيرتفع على وجه الأرض لمحة واحدة ويجري، فينتفع به في سقي الزرع، ثم يعود إلى ما كان، وعجائب الله كثيرة لا تكاد تنحصر. لا إله إلا الله ولا معبود سواه.
[الباب السادس والستون في ذكر عجائب الأرض وما فيها من الجبال والبلدان وغرائب البنيان]
وفيه فصول
[الفصل الأول في ذكر الأرض وما فيها من العمران]
روى وهب بن منبه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم. الدنيا منها عالم واحد، وما العمران في الخراب إلا كخردلة في كف أحدكم. وقال رواة الأثر: إن لله عز وجل دابة في مرج من مروجه في غامض علمه رزقها في كل يوم بقدر رزق العالم بأسره، وجميع مدائن الدنيا أربعة آلاف مدينة وخمسمائة وست وخمسون مدينة، وقيل غير ذلك.
وأقاليم الأرض سبعة. الأقليم الأول الهند، والثاني الحجاز، والثالث: أقليم مصر. الرابع أقليم بابل.
الخامس أقليم الروم والشام، السادس أقليم الترك، السابع أقليم الصين. وأوسط الأقاليم أقليم بابل، وهو أعمرها، وفيه جزيرة العرب، وفيه العراق الذي هو سرة الدنيا وبغداد في وسط هذا الأقليم فلاعتداله اعتدلت ألوان أهله، فسلموا من شقرة الروم وسواد الحبشة، وغلظ الترك، وجفاء أهل الجبال، ودمامة أهل الصين «١» .
والممالك المشهورة التي ضبطت عدتها في زمن المأمون ثلاثمائة وثلاث وأربعون مملكة. أوسعها ثلاثة أشهر وأضيقها ثلاثة أيام.
وقال أهل الهيئة: إنه يكون عند خط الإستواء ربيعان وصيفان وخريفان وشتاءان في سنة واحدة، وأنه يكون في بعض البلاد ستة أشهر ليل وستة أشهر نهار «٢» وبعضها حر وبعضها برد، فسبحان من خلق كل شيء، فأتقنه. لا إله إلا هو ولا معبود سواه.
[الفصل الثاني في ذكر الجبال]
قيل: إن الله تعالى لما خلق الأرض ماجت واضطربت، فخلق الجبال وأرساها بها، فاستقرت، ومجموع ما عرف بالأقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وتسعون جبلا، فمنها ما طوله عشرون فرسخا، ومنها ما طوله مائة فرسخ إلى ألف فرسخ. ولنذكر منها ما هو مشهور ومعروف بين الناس.
فمن أعجبها:
جبل سرنديب: وطوله مائتان ونيف وستون ميلا وفيه أثر قدم آدم عليه الصلاة والسلام حين أهبط، وحوله