والجمال. كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ربعة من القوم لا بائنا من طول ولا تقتحمه عين من قصر، أبيض اللون مشربا بحمرة، أدعج العينين «١» ، مفلج الثنايا «٢» ، دقيق المسربة «٣» ، أزهر الجبين «٤» ، واضح الخد «٥» ، أقنى الأنف «٦» ، كأن عنقه إبريق فضّة، ظاهر الوضاءة يتلألأ وجهه تلألؤ القمر، شثن «٧» الكفين مسبّح القدمين «٨» ، واسع الصدر، من لبّته إلى سرته شعر يجري كالقضيب، ليس في بطنه ولا صدره شعر، غير أشعر الذراعين والمنكبين، لم يبلغ شيبه في رأسه ولحيته عشرين شعرة، ضخم الكراديس «٩» ، أنور المتجرد، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، بين كتفيه خاتم النبوة، كأنه زر حجلة أو بيض حمامة، لونه كلون جسده، أبلج الوجه، حسن الخلق وسيما قسيما في جبينه زجج وفي عينيه دعج، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثافة، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد وأحسنهم وأكملهم من قريب، كأنما منطقه خرزات نظم يتحدرن.
قال أنس رضي الله عنه: ما رأيت من ذي لمة سوداء في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومدحه صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضي الله عنه فقال:
وأحسن منك لم تر قطّ عيني ... وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرّأ من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء
اللهم صل وسلم عليه واجعله شفيعا لمن يصلي عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما حسن الله خلق عبد وخلقه إلا استحيا أن يطعم لحمه النار» . وقد كان المتوكل رحمه الله من أحسن الخلفاء العباسية وجها وأبهاهم منظرا.
وكان مصعب بن الزبير من أحسن الناس وجها. حكي إنه كان جالسا بفناء داره يوما بالبصرة، إذ جاءت امرأة فوقفت تنظر إليه، فقال لها: ما وقوفك يرحمك الله؟
فقالت: طفىء مصباحنا، فجئنا نقتبس من وجهك مصباحا.
وقيل لإعرابية ظريفة: ما بال شفتيك مشققة؟ فقالت:
إن التين إذا حلا تشقق والورد يتشقق إذا مسه الندى.
وكانت لبابة بنت عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم من أجمل الناس وجها، وكانت عند الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فكانت تقول: ما نظرت وجهي في مرآة مع إنسان إلا رحمته من حسن وجهي، إلا الوليد، فكنت إذا نظرت إلى وجهي مع وجهه رحمت وجهي من من حسن وجهه.
قال الشاعر:
ولو أنها في عهد يوسف قطّعت ... قلوب رجال لا أكفّ نساء
وقال كثير:
لو أن عزة حاكمت شمس الضحى ... في الحسن عند موفق لقضى لها
ومما جاء في محاسن الخلق منظوما على الترتيب من الفرق إلى القدم:
[ما قيل في الشعر:]
كان يقال من تزوج امرأة أو اتخذ جارية فليتحسن من شعرها، فإن الشعر الحسن أحد الوجهين.
قال بكر بن النطاح:
بيضاء تسحب من قيام شعرها ... وتغيب فيه وهو وجه أسحم «١٠»
فكأنّها فيه نهار ساطع ... وكأنه ليل عليها مظلم