إذا جلت بعض الليل منهنّ جولة ... تعلقن في رجليّ حيث أجول
إذا ما قتلناهن أضعفن كثرة ... علينا ولا ينعى لهنّ قتيل
ألا ليت شعري هل ابيتنّ ليلة ... وليس لبرغوث عليّ سبيل
وقال ابن أيبك الصفدي:
أشكو إلى الرحمن ما نالني ... من البراغيث الخفاف الثقال
تعصبوا بالليل لما دروا ... أنّي تقنّعت بطيف الخيال
ولا يسب البرغوث لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يسب برغوثا فقال لا تسبه فإنه أيقظ نبيا إلى الصلاة الفجر.
فائدة: سئل مالك عن البرغوث من يقبض روحه فقال أله نفس، قيل: نعم. قال الله: يتوفى الانفس حين موتها.
ولقد شكا عامل افريقية إلى عمر بن عبد العزيز شر الهوام فكتب إليه إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليقرأ وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ
«١»
. الآية. وقال حنين بن إسحاق الحيلة في دفع البرغوث أن تأخذ شيئا من الكبريت فتدخن به في البيت فإنها تفر من ذلك وقيل يرش البيت بماء السذاب، وقيل: مشاق المراكب يحرق في البيت مع قشور النارنج.
[(بعوض) :]
قيل إنه أكثر أعضاء منه فإن للفيل أربعة أرجل وللبعوض ستة ويزيد عليه بأربعة أجنحة وله خرطوم مجوف نافذ فإذا طعن به جسد إنسان استقي الدم وقذف به إلى جوفه فهو له كالبلعوم والحلقوم ومما ألهمه الله تعالى أنه إذا جلس على عضو انسان يتبع مسام العروق فإنها أرق وأسرع له في إخراج الدم وعنده شره في مصه حتى قيل إنه لا يمص شيئا فيتركه باختياره إلى أن ينشق أو يطار. ومن عجيب أمره أنه ربما قتل البعير وغيره من ذوات الأربع فيتركه طريحا. وقال الجاحظ من علم البعوض إن وراء جلد الجاموس دما وأن ذلك الدم غذاء لها وأنها إذا طعنت في ذلك الجلد الغليظ نفذ فيه خرطومها مع ضعفه ولو أنك طعنت فيه بمسلات شديدة المتن رهيفة الحد لانكسرت فسبحان من رزقها على ضعفها بقوته وقدرته. قال بعضهم:
أقول لنازل البستان طوبى ... لعيشك لم تشك فيه البعوض
يململه فليس له قرار ... ويثخنه فليس له نهوض
حماه قرصه وطنينه أن ... يبيت وعينه فيها غموض
كأنك حين تهدى بالأغاني ... تكر وفي مسامعك العروض
ومن الحكم التي أودعها الله تعالى إياها أن جعل الله فيها قوة الحافظة والفكر وحاسة اللمس والبصر والشم ومنفذ الغذاء وجوفا وعروقا ومخا وعظاما فسبحان من قدر فهدى ولم يترك شيئا سدى.
وقال الزمخشري في تفسير سورة البقرة في ذلك:
يا من يرى مد البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى مناط عروقها في نحرها ... والمخ من تلك العظام النّحّل «٢»
ويرى خرير الدم في أوداجها ... متنقلا من مفصل في مفصل
ويرى وصول غذا الجنين ببطنها ... في ظلمة الأحشا بغير تمقّل «٣»
ويرى مكان الوطء من أقدامها ... في سيرها وحثيثها المستعجل
ويرى ويسمع حسّ ما هو دونها ... في قاع بحر مظلم متهوّل
امنن عليّ بتوبة تمحو بها ... ما كان منّي في الزمان الأول
[(بغل) :]
معروف وكنيته أبو قموص وأبو حرون وله كنى غير ذلك كثيرة وهو مركب من الفرس والحمار ولذلك صار له صلابة الحمار وعظم الخيل وهو عقيم لا نسل له.
روى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن علي كرم الله وجهه أنها كانت تتناسل فدعا عليها إبراهيم الخليل لأنها كانت تسرع في نقل الحطب لنار المنجنيق فقطع الله نسلها وهو أشر الطباع لأنه تجاذبه الاعراق المتضادة والاخلاق المتباينة والعناصر المتباعدة، ومن العجيب أن كل عضو فرضته منه كان بين الفرس والحمار.
الخواص: يقال إن حافر البغلة السوداء ينفع لطرد الفار