وله في الفراقيات:
يا سادة هجروني وهم نزول بخاطري ... لا أوحش الله منكم في سائر الأوقات
أوحشتم العين مني وأنسكم في خاطري ... والقلب في النور منكم والعين في ظلمات
قد انتهى الصبر مني وما بقي فيا رمق ... هيهات إني أحيا من بعدكم هيهات
لم يبق غير خيالي يلوح كالشبح الخفي ... أعد بين الأحياء وأنا مع الأموات
ودعتموني وسرتم والقلب يتبع ركبكم ... إيش ضر لو كان جسمي من جملة التبعات
ما مر ما ريت ضدي يقول لي من فرحته ... هنا تشق المراير وتكسب العبرات
لو لم أسلي روحي وارض نفسي بالمنى ... لكان قلبي تقطع من بعدكم حسرات
وقفت لما رحلتم حيران بين أظعانكم ... أخفض جناح المذلة وارفع الأصوات
طول الليل أساهر كني أريد الكيميا ... أقطر الدموع مني وأصد الزفرات
ما أطول ليالي جفاكم ساعتها مثل السنة ... وما أقصر أيام وصلي كأنها ساعات
مالي أرى حسناتي بالسيئات تبدلت ... وسيئات الأعادي اتبدلت حسنات
خالفتموني وعمري ما زلت أتبع أمركم ... كذا العبيد تتابع أوامر السادات
أسكت وأصبر عنكمو ويفعل الله ما يشا ... والدهر من عاداته يقلب الحالات
[الفن السابع في فن القوما]
قيل أول من اخترعه ابن نقطة برسم الخليفة الناصر والصحيح أنه مخترع من قبله. وكان الناصر يطرب له، وكان لابن نقطة ولد صغير ماهر في نظم القوما، فلما مات أبوه أراد أن يعرف الخليفة بموت أبيه ليجريه على مفروضه. فتعذر عليه ذلك، فصبر إلى دخول شهر رمضان ثم أخذ أتباع والده من المسحرين ووقف أول ليلة من الشهر تحت الطيارة وغنى القوما بصوت رقيق، فأصغى الخليفة إليه وطرب له، فكان أول ما قاله قوله:
يا سيد السادات ... لك بالكرم عادات
وأنا بني ابن نقطة ... تعيش أبويا مات
فأعجب الخليفة منه هذا الإختصار، فاستحضره وخلع عليه وفرض له ضعفي ما كان لأبيه.
ومنها للصفي الحلي:
من كان يهوى البدور ... ووصل بيض الخدور
بالبيض والصفر يسخو ... وقد جلس في الصدور
من حب بيض الخدور ... ورام لزوم الصدور
يسمح وإلا فيبقى ... من بينهم مهدور
كم بين سجف الخدور ... من عاشق مصدور
يرعى الكواكب تعلو ... يرى جمال البدور
بين الحلل والخدور ... وجوه مثل البدور
أشراقها في المعاجز ... وغربها في الصدور
قد كنت فوق الصدور ... بين الظبا والبدور
فصرت أحسد من أبصر ... خيامهم والخدور
نوائب المقدور ... مثل الكواكب تدور
من بعد طيب الخواطر ... يقضي بضيق الصدور
غيري يلازم الصدور ... أنا عليكم أدور
واصطلي الصد وأنا ... من بينهم مهدور
وقال أيضا:
حال الهوى مخبور ... يريد جلد صبور
يصون سره وإلّا ... يبقى من أهل القبور
من كان هواه مستور ... يحظى برفع الستور
ومن هتك سر حبو ... يمحى من الدستور
أبذل لبيض النحور ... أموال مثل البحور
إن أردت تملك وتظفر ... ولدانهم والحور
قم فابذل المدخور ... وفي العطا لا تجور
تريد هذي المحبه ... قلوب مثل الصخور
كم حول تلك الخدور ... من عاشق مذعور
مثل الدواليب تجري ... دموعها وتدور
من يركب المحذور ... هو في الهوى معذور
يظفر بحبه ويبلغ ... قصده ويوفي النذور
كن بالهوى مسرور ... ولا تبيت مغرور
واجعل تراب اعتابهم ... لا جفان عينك درور
طرق المحبة وعور ... كم بينها معذور
من فتك بيض السوالف ... على سواد الشعور
كم عاشق مذعور ... في حب بيض الثغور
يغار قلبه ولكن ... مدامعه ما تغور
كم بينهم يعفور ... كالظبي أنس نفور
من أهل بدر فديته ... إيش ما عمل مغفور
ومن ذلك ما نظمه بعضهم ليسحر بعض الخلفاء في رمضان: