دما طيبا لو يطلق الشرع شربه ... لكان من الأسقام للناس شافيا
[الفصل الرابع فيما جاء في العيادة وفضلها]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة في ظل العرش، عائد المريض ومشيع الموتى وطائع والديه. وفي رواية ومعزي الثكلى. ومن السنة تخفيف الجلوس في العيادة.
مرض بكر بن عبد الله المزني فعاده أصحابه فأطالوا الجلوس عنده فقال: المريض يعاد والصحيح يزار.
قال الشاعر:
يعدن مريضا هن هيّجن داءه ... ألا إنما بعض العوائد دائيا
وقيل: إذا دخل العواد على الملك فحقهم أن لا يسلموا عليه فيحوجوه إلى رد السلام ويتعبوه، فإذا علموا أنه لاحظهم دعوا له وانصرفوا. قيل: مرض إنسان فكتب إليه بعض أصدقائه: كشف الله عنك ما بك من السقم، وطهرك بالعلة من الخطايا ومتعك بأنس العافية وأعقبك دوام الصحة.
ومرض إنسان فكتب إليه صديقه:
بإخوانك الأدنين لا بك كلّ ما ... شكوت إليّ اليوم من ألم الودّ
فكلّ امرىء منهم بقدر احتماله ... وإن عجزوا عنه تحلمته وحدي
وقال آخر:
بي السوء والمكروه لا بك كلّما ... أراداك كانا بي وكان لك الأجر
وقال عبد الله بن مصعب:
مالي مرضت فلم يعدني عائد ... منكم ويمرض كلبكم فأعود
فسمّي بعد ذلك عائد الكلاب.
وعاد مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه بعض المرضى فقال:
عادني مالك فلست أبالي ... بعد من عادني ومن لم يعدني
وقال عليّ بن الجهم:
أراقد الليل مسرورا عدمت إذا ... عيشي وأحمد يرعى ليله وصبا «١»
الله يعلم أنّي قد نذرت له ... صيام شهر إذا ما أحمد ركبا «٢»
وقال آخر:
إذا مرضتم أتيناكم نعودكمو ... وتذنبون فنأتيكم ونعتذر
وقال آخر:
أعاذك الله من أشياء أربعة ... الموت والعشق والإفلاس والجرب
وقيل: إن حق العيادة يوم ويوم بعد يومين وعلى الأول قول الشاعر:
قالت مرضت فعدتها فتبرّمت ... فهي الصحيحة والعليل العائد
والله لو أن القلوب كقلبها ... ما رق للولد الصغير الوالد
وعلى الثاني قول بعضهم:
حقّ العيادة يوم بعد يومين ... وجلسة مثل خلس اللحظ بالعين
لا تبرمنّ عليلا في مساءلة ... يكفيك من ذاك تسآل بحرفين
وفضل العيادة مشهور وشرفها مذكور وبها تعظم الأجور. وهذا ما انتهى إلينا من هذا الباب والله الموفق للصواب.
الباب الحادي والثمانون في ذكر الموت وما يتصل به من القبر وأحواله
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات لأحدكم ميت فحسنوا كفنه وعجلوا إنجاز وصيته وأعمقوا له في قبره وجنبوه جار