وكان هو من أقبح الناس وجها، فقال لها يوما: أنا وإياك في الجنة إن شاء الله تعالى، فقالت له: وكيف ذلك؟ فقال:
لأني أعطيت مثلك فشكرت وأعطيت مثلي فصبرت، والصابر والشاكر في الجنة. وقال بعضهم: رأيت في طريق مكة أعرابية ما رأيت أحسن منها وجها، فقعدت أنظر إليها، وأتعجب من جمالها، فجاء شيخ قصير، فأخذ بردائها وسار بها ومضى فلقيتها مرة أخرى، فقلت لها: من هذا الشيخ؟ قالت: زوجي. قلت: كيف يرضى مثلك بمثله فأنشدت:
أيا عجبا للخود يجري وشاحها ... تزف إلى شيخ بأقبح تمثال
دعاني إليه أنه ذو قرابة ... يعزّ علينا من بني العم والخال
وسمع بعضهم قائلا يقول:
ومن لا يرد مدحي فإن مدائحي ... نوافق عند الأكرمين نوامي «١»
نوافق عند المشتري الحمد بالندى ... نفاق بنات الحارث بن هشام
فقال: يا ابن أخي ما بلغ من نفاق بنات الحارث بن هشام؟ قال: كن من أجمل الناس وجوها وكان أبوهن إذا زوجهن يسوقهن ومهورهن إلى بعولتهن. فقال: يا ابن أخي لو فعل هذا إبليس ببناته لتنافست فيهن الملائكة المقربون.
وقال عبد الملك لابن أبي الرقاع كيف علمك بالنساء؟
قال: أنا والله أعلم الناس بهن، وجعل يقول:
قضاعية الكعبين كندية الحشا ... خزاعية الأطراف طائية الفم
لها حكم لقمان وصورة يوسف ... ومنطق داود وعفة مريم
وقالوا: الوجه الحسن أحمر، وقد تضرب فيه الصفرة مع طول المكث في الكن والتضمخ بالطيب.
وقالوا: أن الوجه الرقيق البشرة الصافي الأديم إذا خجل يحمّر وإذا فرق يصفر. ومنه قولهم: ديباج الوجه، يريدون تلونه من رقته، قال علي بن زيد في وصفه:
حمرة خلط صفرة في بياض ... مثل ما حاك حائك ديباجا «٢»
وقال علي بن عبد ربه:
بيضاء يحمر خداها إذا خجلت ... كما جرى ذهب في صفحتي ورق «٣»
وقالوا: إن الجارية الحسناء تتلون بتلون الشمس فهي بالضحى بيضاء وبالعشي صفراء فقال ذو الرمة:
بيضاء صفراء قد تنازعها ... لونان من فضّة ومن ذهب
قالوا: ليس المرأة الجميلة التي تأخذ ببصرك جملة على بعد فإذا دنت منك لم تكن كذلك، بل الجميلة التي كلما كررت بصرك فيها زادتك حسنا.
وقالوا: إن أردت أن ينجب ولدك فأغضبها ثم قع عليها قال الشاعر:
ممّن حملن به وهنّ عواقد ... حبك النطاق فعاش غير مهبّل
حملت به في ليلة مزورة ... كرها وعقد نطاقها لم يحلل
[الفصل الثالث في صفة المرأة السوء نعوذ بالله تعالى منها]
في حكمة داود عليه السلام: «أن المرأة السوء مثل شرك الصياد لا ينجو منها إلا من رضي الله تعالى عنه» .
وقيل: المرأة السوء غل يلقيه الله تعالى في عنق من يشاء من عباده.
وقيل لأعرابي كان ذا تجربة للنساء، صف لنا شر النساء فقال: شرهن النحيفة الجسم القليلة اللحم المحياض الممراض المصفرة الميشومة العسرة المبشومة السلطة البطرة النفرة السريعة الوثبة، كأنها لسان حربة تضحك من غير عجب وتبكي من غير سبب وتدعو على زوجها بالحرب، أنف في السماء وإست في الماء، عرقوبها حديد، منتفخة الوريد كلامها وعيد، وصوتها شديد، وتدفن الحسنات وتفشي السيئات، تعين الزمان على بعلها، ولا تعين بعلها على الزمان، ليس في قلبها عليه رأفة ولا عليها منه مخافة، إن دخل خرجت وإن خرج دخلت، وإن ضحك بكت، وإن بكى ضحكت، كثيرة الدعاء، قليلة الإرعاء تأكل لمّا وتوسع ذما، ضيقة الباع،