للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووصى بها النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: «الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة» . وقال: «عليكم بإناث الخيل، فإن ظهورها عز وبطونها كنز» ، وروي عن ابن عباس أو علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

لما أراد الله تعالى خلق الخيل أوحى إلى الريح الجنوب، وقال: إني خالق منك خلقا، فاجتمعي، فاجتمعت، فأتى جبريل، فأخذ منها قبضة، فخلق الله منها فرسا كميتا، وقال: خلقتك عربيا وفضلتك على سائر البهائم، فالرزق بناصيتك، والغنائم تقاد على ظهرك، وبصهيلك أرهب المشركين وأعز المؤمنين، ثم وسمه بغرة وتحجيل، فلما خلق الله تعالى آدم قال: يا آدم اختر أي الدابتين: الفرس أو البراق، فقال: الفرس يا رب، فقال الله تعالى: اخترت عزك وعز أولادك، وفي الحديث: «ما من فرس إلا ويقول في كل يوم: اللهم من جعلتني له فاجعلني أحب أهله إليه» . وقيل: الخيل ثلاثة: فرس للرحمن، وهي المغزو عليها، وفرس لك وهي التي تسابق عليها، وفرس للشيطان وهي التي جعلت للخيلاء. وفي الحديث: «إن الملائكة لا تحضر شيئا من اللهو إلا في مسابقة الخيل وملاعبة الرجل أهله» . ولقد سابق النبي صلى الله عليه وسلم على الخيل، وقيل: إن الذكر من الخيل أقوى من الأنثى، ولا يرد علينا ركوب جبريل في قصة موسى وفرعون الأنثى لأن ذلك من حكمة الله تعالى حتى تبعتها أحصنهم، فأغرقوا لأن الحصان إذا رأى الحجرة تبعها، وقيل: إن الله تعالى أمر نبيه موسى عليه الصلاة والسلام أن يعبر البحر فعبره، وهم خلفه، فأعمى أعينهم عن الماء، فكانوا يرون بلقعا، والخيل تراه ماء، فلولا دخول جبريل البحر بفرسه لما دخلت خيلهم، وهي أصناف منها: الصافنات، وهي التي إذا ربطت في مكان وقفت على إحدى رجليها وقلبت بعض الأخرى في الوقوف، وقيل غير ذلك وكانت الصافنات ألف فرس لسليمان عليه الصلاة والسلام، فعرضها يوما ففاتته الصلاة، قيل صلاة العصر، فأمر بعقرها فعوضه الله عنها الريح، فكانت فرسه وقيل: إنما عقرها على وجه القربى كالهدي وقيل: إن الفرس لا يحب الماء الصافي ولا يضرب فيه بيده كما يضرب بها في الماء الكدر، فرحا به، فإنه يرى شخصه في الماء الصافي فيفزعه، ولا يراه في الماء الكدر، وقد قيل في الحث على حب الخيل:

أحبّوا الخيل واصطبروا عليها ... فإنّ العزّ فيها والجمالا

إذا ما الخيل ضيّعها أناس ... ربطناها فأشركت العيالا

نقاسمها المعيشة كل يوم ... وتكسبنا الأباعر والجمالا «١»

[(حرف الدال) :]

[(دابة) :]

اسم لكل ما دب على الأرض وأما التي ذكرها الله تعالى في سورة سبأ، فقيل: الأرضة، وقيل السوسة، وسبب ذلك أن سليمان عليه الصلاة والسلام كان قد أمر الجن ببناء صرح فبنوه، ودخل فيه وأراد أن يصفو له يوم واحد من دهره، فدخل عليه شاب، فقال له: كيف دخلت من غير استئذان؟ فقال: أذن لي رب البيت، فعلم سليمان أن رب البيت هو الله تعالى، وإن الشاب ملك الموت أرسل ليقبض روحه فقال: سبحان الله هذا اليوم طلبت فيه الصفاء فقال: طلبت ما لم يخلق قال: وكان قد بقي من بناء المسجد الأقصى بقية، فقال له: يا أخي يا عزرائيل أمهلني حتى يفرغ قال ليس في أمر ربي مهلة قال: فقبض روحه، وكان من عادته الانقطاع في التعبد شهرين وثلاثة، ثم يأتي، فينظر ما صنعت الجن، فلما قبض كان متوكئا على عصاه، واستمر ذلك مدة، والجن تتوهم أنه مشرف عليها، فتعمل كل يوم بقدر عشرة أيام حتى أراد الله ما أراد، فسلط على العصا الأرضة فأكلتها، فخرّ ميتا، فتفرقت الجن عنه، وقيل إن واحدا منهم مر عليه، فسلم، فلم يجبه فدنا منه، فلم يجد له نفسا، فحركه، فسقطت العصا، فإذا هو ميت. قال: وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة، والعصا التي اتكأ عليها من خرنوب قال الله تعالى:

فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ

«٢»

. قال: فشكرت الجن الأرضة حتى قيل أنهم كانوا يأتونها بالماء حيث كانت.

وأما الدابة التي من أشراط الساعة، فاختلف في أمرها، فقيل: تخرج من الصفا، وهو الصحيح، وقيل: من الطائف، وقيل من الحجر وطولها ستون ذراعا ذات قوائم، وهي مختلفة الألوان وذلك في ليلة يكون الناس مجتمعين بمنى أو سائرين إلى منى ومعها عصا موسى وخاتم سليمان لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب تلحق المؤمن، فتضربه بالعصا فتكتب في وجهه مؤمن وتدرك الكافر، فتسمه بالخاتم وتكتب في وجهه كافر. وروي أنها

<<  <   >  >>