ضرب بجناحيه، وقال: ليقم المسلمون، فإذا مضى الثلث الثاني ضرب بجناحيه وقال: ليقم الذاكرون، فإذا كان السحر وطلع الفجر ضرب بجناحيه وقال: ليقم الغافلون، وعليهم أوزارهم.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله ديكا أبيض له جناحان موشحان بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ جناح بالمشرق، وجناح بالمغرب، ورأسه تحت العرش وقوائمه في الهواء، فإذا كان ثلث الليل الأول خفق بجناحيه وقال:
سبحان الملك القدوس، فإذا كان الثلث الثاني خفق بجناحيه وقال: قدوس، فإذا كان الثلث الثالث خفق بجناحيه وقال: ربنا الرحمن الرحيم لا إله إلا هو» .
وروى الثعلبي بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاثة أصوات يحبها الله تعالى: صوت الديك، وصوت قارىء القرآن، وصوت المستغفر بالأسحار» .
وفي الحديث: «لا تسبوا الديك، فإنه يؤقت للصلاة» .
وزعم أهل التجربة أن الرجل إذا ذبح الديك الأبيض الأفرق لم يزل ينكب في أهله وماله.
نادرة: قيل كان لإبراهيم بن مزيد ديك، وكان كريما عليه، فجاء العيد وليس عنده شيء يضحي عليه، فأمر امرأته بذبحه واتخاذ طعام منه وخرج إلى المصلّى، فأرادت المرأة أن تمسكه، ففر، فتبعته، فصار يخترق من سطح إلى سطح، وهي تتبعه، فسألها جيرانها وهم هاشميون عن موجب ذبحه، فذكرت لهم حال زوجها، فقالوا: ما نرضى أن يبلغ الاضطرار بأبي إسحاق إلى هذا القدر، فأرسل إليه هذا شاة وهذا شاتين وهذا بقرة وهذا كبشا حتى امتلأت الدار، فلما جاء ورأى ذلك قال: ما هذا؟ فقصت عليه زوجته القصة، فقال: إن هذا الديك لكريم على الله، فإن إسماعيل نبي الله فدي بكبش واحد، وهذا فدي بما أرى.
[(حرف الذال) :]
[(ذباب)]
وكنيته أبو جعفر وهو أصناف كثيرة يتولد من العفونة ومن عجيب أمره أنه يلقي رجيعه على الأبيض يسود وعلى الأسود يبيض ولا يقعد على شجرة الدباء، وفي الحديث: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم، فليغمسه، فإن في إحدى جناحيه دواء وفي الأخرى داء» ، وإن من طبعه أن يلقي نفسه بالجناح الذي فيه الداء.
وحكي أن المنصور كان جالسا، فألح عليه الذباب حتى أضجره، فقال: انظروا من بالباب من العلماء، فقالوا:
مقاتل بن سليمان، فدعا به، ثم قال له: هل تعلم لأي حكمة خلق الله الذباب؟ قال: ليذل به الجبابرة. قال:
صدقت، ثم أجازه، ومن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يقع عليه ذباب قط، وقال المأمون: قالوا أن الذباب إذا دلك به موضع لسعة الزنبور سكن ألمه، فلسعني زنبور، فحككت على موضعه أكثر من عشرين ذبابة، فما سكن له ألم، فقالوا: هذا كان حتفا قاضيا، ولولا هذا العلاج لقتلك. وقال الجاحظ: من منافع الذباب أنها تحرق وتخلط بالكحل، فإذا اكتحلت به المرأة كانت عينها أحسن ما يكون، وقيل: إن المواشط تستعمله ويأمرن به العرائس، وقيل: إن الذباب إذا مات وألقي عليه برادة الحديد عاش، وإذا بخر البيت بورق القرع هرب منه الذباب.
[(ذئب) :]
حيوان معروف وكنيته أبو جعدة وأبو جاعد، وأبو ثمامة لونه رمادي وهو من الحيوان الذي ينام بإحدى عينيه ويحرس بالأخرى حتى تمل، فيغمضها، ويفتح الأخرى كما قال بعض واصفيه:
ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي ... بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع «١»
وإذا أراد السفاد اختفى، ويطول في سفاده كالكلب، وإذا جاع عوى، فتجمع الذئاب حوله، فمن هرب منها أكلوه وإذا خاف منه الإنسان طمع فيه، وليس في الأرض أسد يعض على عظم إلّا ويسمع لتكسيره صوت بين لحييه إلا الذئب، فإن لسانه يبري العظم بري السيف ولا يسمع له صوت، وقيل: إذا أدماه الإنسان، فشم الذئب رائحة الدم لا يكاد ينجو منه، وإن كان أشد الناس قلبا وأتمهم سلاحا، كما أن الحية إذا خدشث طلبها الذر فلا تكاد تنجو منه، وكالكلب إذا عض الإنسان يطلبه الفأر فيبول عليه، فيكون في ذلك هلاكه، فيحتال له بكل حيلة، وقيل: لا يعرف الالتحام عند السفاد إلا في الكلب والذئب، وإذا هجم الصياد على الذئب والذئبة وهما يتسافدان قتلهما كيف شاء، والله أعلم.
[(حرف الراء) :]
[(رخ) :]
طير عظيم الخلقة يوجد بجزائر الصين، قال أبو حامد الأندلسي: ذكر لي بعض المسافرين في البحر أنهم أرسوا بجزيرة، فلما أصبحوا وجدوا في طرفها لمعانا وبريقا، فتقدموا إليه، وإذا هم بشيء مثل القبة قال:
فجعلوا يضربون فيه بالفؤوس إلى أن كسروه، فوجدوه كهيئة البيضة، وفيه فرخ عظيم قال، فتعلقوا بريشه