للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض الأمراء لحاجبه: أدخل عليّ عاقلا، فأتاه برجل، فقال: بم عرفت عقله؟ فقال: رأيته يلبس الكتان في الصيف والقطن في الشتاء. والملبوس في الحر، والجديد في البرد.

وقيل: كان لأبرويز عمامة طولها خمسون ذراعا إذا اتسخت ألقاها في النار فيحترق الوسخ ولا تحترق، وكان له رداء حسن يتلون كل ساعة وسراويل مجوهرة، وتكة من أنابيب الزمرد. وقيل: الأقبية لباس الفرس، والقراطق لباس الهند، والأزر لباس العرب. وسئل بعض العرب عن الثياب، فقال: الصفر أشكل، والحمر أجمل، والخضر أقبل، والسود أهول، والبيض أفضل.

وقال أفلاطون: الصبغ الشقائقي، والروائح الزعفرانية تسكن الغضب، والصبغ الياقوتي والروائح الوردية تحرك السرور، وإذا قرب اللون الأحمر إلى اللون الأصفر تحركت القوة العشقية، وإذا مزجت الحمرة بالصفرة تحركت القوة الغريزية، وإذا مزجت التفاحية بالحمرة تحركت الطبائع كلها.

وكان مصعب بن الزبير يقول: لكل شيء راحة، وراحة البيت كنسه، وراحة الثوب طيه. وقال بعض الأعراب:

رأيت في البصرة برودا كأنها نسجت بأنواع الربيع. ودخل بعض العذريين على معاوية وعليه عباءة، فازدراه، فقال يا أمير المؤمنين: إن العباءة لا تكلمك وإنما يكلمك من فيها.

[ومما قيل فيمن رذل لبسه وعرف نفسه:]

قال الأصمعي: رأيت أعرابيا فاستنشدته، فأنشدني أبياتا، وروى أخبارا، فتعجبت من جماله وسوء حاله، فسكت سكتة ثم قال:

أأخيّ إن الحادثا ... ت عركنني عرك الأديم

لا تنكرن أن قد رأيت ... أخاك في طمري عديم «١»

إن كان أثوابي رثاث ... فإنّهنّ على كريم

قال بعضهم وقيل للشافعي رحمه الله تعالى:

عليّ ثياب لو تقاس جميعها ... بفلس لكان الفلس منهنّ أكثرا

وفيهنّ نفس لو يقاس ببعضها ... نفوس الورى كانت أجلّ وأكبرا

وما ضرّ نصل السيف إخلاق غمده ... إذا كان عضبا حيث وجّهه برى «٢»

ودخل بعضهم على الرشيد فازدراه، فأنشده:

ترى الرجل الخفيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد هصور

ويعجبك الطرير فتبتليه ... فيخلف ظنّك الرجل الطرير

لقد عظم البعير بغير لب ... فلم يستغن بالعظم البعير

يصرّفه الصبي بغير وجه ... ويحبسه على الخسف الجرير

وتضربه الوليدة بالهراوي ... فلا عار عليه ولا نكير

فإن أك في شراركمو قليلا ... فإنّي في خياركمو كثير

ويقال: كل ما تشتهيه نفسك والبس ما تشتهيه الناس وقد نظمه من قال:

إنّ العيون رمتك إذ فاجأتها ... وعليك من مهن الثياب لباس

أمّا الطعام فكل لنفسك ما اشتهت ... واجعل لباسك ما اشتهته الناس

وفي هذا القدر كفاية والله أعلم بالصواب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[الباب السابع والأربعون في التختم والحلى والمصوغ والطيب والتطيب وما أشبه ذلك]

[ما جاء في التختم:]

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه، وقبض عليه الصلاة والسلام والخاتم في يمينه.

<<  <   >  >>