ليت شعري أي قوم أجدبوا ... فأغيثوا بك من بعد العجف «١»
نظر الله لهم من بيننا ... وحرمناك بذنب قد سلف
يا أبا إسحاق سر في دعة «٢» ... وامض مصحوبا فما منك خلف
إنما أنت ربيع باكر ... حيثما صرّفه الله انصرف
وقال آخر:
لو كان يقعد فوق الشمس وارتفعوا ... قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس
ثم ارتقوا في شعاع الشمس وارتفعوا ... إلى السماء فأنتم سادة الناس
وللحسين بن مطير الأسدي في المهدي:
لو يعبد الناس يا مهدي أفضلهم ... ما كان في الناس إلا أنت معبود
أضحت يمينك من جود مصورة ... لا بل يمينك منها صوّر الجود
لو أنّ من نوره مثقال خردلة ... في السود طرّا إذن لابيضت السود
وقال آخر:
أوليتني نعما وفضلا زائدا ... وبررتني حتى رأيتك والدا «٣»
أقسمت لو جاز السجود لمنعم ... ما كنت إلا راكعا لك ساجدا
وقال آخر:
ثناؤك في الدنيا من المسك أعطر ... وحظك في الدنيا جزيل موقر «٤»
وكفك بحر والأنامل أنهر ... رعى الله كفّا فيه بحر وأنهر
أعيذك بالرحمن من كل حاسد ... فلا زالت الحساد تغبى وتصغر «٥»
لساني قصير في مديحك سيدي ... لأنّي فقير والفقير مقصّر
[الفصل الثاني من هذا الباب في شكر النعمة]
أما الشكر الواجب على جميع الخلائق فشكر القلب، وهو أن يعلم العبد أن النعمة من الله عز وجل، وأن لا نعمة على الخلق من أهل السموات والأرض إلا وبدايتها من الله تعالى حتى يكون الشكر لله عن نفسك، وعن غيرك والدليل على أن الشكر محله القلب وهو المعرفة. قوله تعالى: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ
«٦» .
أيقنوا أنها من الله.
وقيل: الشكر معرفة العجز عن الشكر وقد روي أن داود عليه السلام قال: إلهي كيف أشكرك وشكري لك نعمة من عندك، فأوحى الله تعالى إليه: الآن قد شكرتني. وفي هذا يقال الشكر على الشكر أتم الشكر.
ولمحمود الوراق:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... عليّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلّا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمر
إذا مسّ بالسرّاء عمّ سرورها ... وإن مسّ بالضراء أعقبها الأجر
فما منهما إلّا له فيه نعمة ... تضيق بها الأوهام والسر والجهر
وفي مناجاة موسى عليه السلام: إلهي خلقت آدم بيدك، وفعلت وفعلت، فكيف أشكرك؟ فقال: إعلم إن ذلك مني، فكانت معرفته بذلك شكره لي. وأما شكر اللسان، فقد قال الله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ١١
«٧» .
ويروى عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بالنعم شكر» .
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: تذكروا النعم، فإن ذكرها شكر. وأما الشكر الذي في الجوارح، فقد قال الله تعالى: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً
«٨» الآية، فجعل العمل شكرا.