للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندهم ما يرضيهم به، فاغتم لذلك ونام مستلقيا على قفاه مفكرا في ذلك، وإذا بحية عظيمة خرجت من سقف ذلك المجلس ودخلت في سقف آخر قال: فطلب سلما وصعد لينظر المكان الذي خرجت منه، فلما رآه وجد كوة فنظر في داخلها، فإذا هي مطمورة، فدخلها، فوجد فيها صندوقا فيه خمسمائة ألف دينار، فأمر بإخراجه وإنفاقه على عسكره.

ومن ألطف ما اتفق له أيضا:

أنه كان بتلك البلد خياط أطروش، وكان الملك الذي قبله قد أودع عنده وديعة مال قال، فطلبه عماد الدولة ليخيط له على عادته لأنه هو الذي يخيط للملوك قال:

فتوهم الاطروش أنه غمز عليه بسبب الوديعة فلما حضر بين يدي عماد الدولة قال له: إن فلانا الملك لم يدع عندي سوى اثني عشر صندوقا، ولم أدر ما فيها، فأمر بإحضارها، فأحضرها فأخذها عماد الدولة، ووسع بها على جنده، وتعجب من هاتين القضيتين فكانت هذه الأسباب من دلائل السعادة له. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحيات بعد أن تنذر ثلاث مرات، وقيل: ثلاث أيام، وأما سكان البيوت، فالإنذار لها متعين. وفي الحديث: «من قتل حية فكأنما قتل مشركا ومن لبس خفا فلينفضه، ومن آوى إلى فراشه فلينظفه» .

الخواص: يقال أن دمها يجلو البصر وقلبها إذا علق على إنسان لا يؤثر فيه السحر وضرسها إذا علق على من به وجع الضرس سكن. الأيمن للأيمن والأيسر للأيسر، ولحمها قال بقراط الحكيم: من أكله أمن من الأمراض الصعبة.

[(الأنيس)]

وتسميه الرماة الأنيسة لأنه من طيور الواجب عندهم وهو طير له لون حسن غذاؤه الفاكهة ومأواه الأنهار والبساتين والغياض وله صوت حسن كالقمري.

[(الأوز)]

طير السباحة وفراخة تخرج من البيضة تسبح.

الخواص: في جوفه حصاة تنفع المبطون ودهنه ينفع من ذات الجنب وداء الثعلب إذا طلي به، ولسانه ينفع لقطار البول وغذاؤه جيد إلا أنه بطيء الهضم.

[(الإيل)]

بتشديد الياء المسكورة ذكر الوعل وله أسماء باختلاف اللغات، وهو يشبه بقر الوحش وإذا خاف من الصياد رمى بنفسه من رأس الجبل ولا يتضرر بذلك، وإذا لسعته حية ذهب إلى البحر فأكل السرطان فيشفى.

خواصه: إن السمك يحب رؤيته وهو يحب ذلك، ولذلك أكثر ما يكون بقرب البحر والصيادون يعرفون ذلك، فيلبسون جلده ليراهم السمك، فيأتي لهم وهو مولع بأكل الحيات وربما لسعته، فتسيل دموعه تحت محاجر عينيه حتى تصير نفرتين من كثرة ذلك، ثم تجمد تلك الدموع فتصير كالشمع، فتؤخذ وتجعل دواء للسم، وهو الذي يسمى بالبنزهير الحيواني، وأجوده الأصفر، وأكثر ما يكون ببلاد الهند والسند وفارس وإذا وضع على لسعة الحيات أبرأها وإن وضعه الملسوع في فيه نفعه، وهذا الحيوان لا تنبت قرناه إلا بعد سنتين وينبتان في أول الأمر مستقيمين، ثم بعد ذلك يحصل فيهما التشعب ولا يزال يزيد إلى ست سنين، فحينئذ يصيران كنخلتين، ثم بعد ذلك يلقيهما في كل سنة مرة، ثم ينبتان. قال أرسطو:

وهذا النوع يصاد بالصفير والأصوات المطربة، فإنه يحب الطرب والصيادون يشغلونه بذلك ويأتونه من ورائه، فإذا رأوه قد استرخت أذناه وثبوا عليه، وقرنه مصمت وإحليله من عصب لا عظم فيه ولا لحم وهو من الحيوان الذي يزيد في السمن، فإذا حصل له ذلك فر من مكانه خوفا من الصيادين وحكمه حل أكله.

الخواص: إذا بخر بقرنه البيت طرد الهوام التي فيه، وإذا أحرق واستاك به الذي به صفرة الاسنان زال ذلك عنه، ومن علق عليه شيء منه ذهب نومه، ومن خواصه:

أن دمه يفتت الحصاة التي بالمثانة شربا، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[(حرف الباء الموحدة) :]

[(باز)]

كنيته أبو الأشعث وهو من أشد الحيوان تكبرا، وأضيقها خلقا، قال القزويني: إنها لا تكون إلا أنثى وذكرها من غيرها إما من جنس الحدأة أو الشواهين، ولأجل ذلك تختلف ألوانها وهو أصناف منها البازي، والباشق، والشاهين، والبيدق، والبقر، والبازي آخرها مزاجا لأنه لا يصبر على العطش، فلذلك لا يفارق الماء والأشجار المتسعة والظل والظليل، وهو خفيف الجناح سريع الطيران تكثر أمراضه من كثرة طيرانه، لأنه كلما طار انحط لحمه وهزل، وأحسن أنواعه ما قلّ ريشه، واحمرت عيناه مع حدة فيهما قال الشاعر:

لو استضاء المرء في إدلاجه ... بعينه كفته عن سراجه «١»

<<  <   >  >>