وقال آخر في ليلة ممطرة:
أقول والليل في امتداد ... وأدمع الغيث في انسفاح
أظن ليل بغير شك ... قد بات يبكي على الصباح
وقال أيضا:
تاب الزمان من الذنوب فوات ... واغنم لذيذ العيش قبل فوات
تمّ السرور فقم يا صاحبي ... نستدرك الماضي بنهب الآتي
صفي الدين الحلي في عود:
وعود به عاد السرور لأنه ... حوى اللهو قدما وهو ريّان ناعم
يغرّب في تغريده فكأنه ... يعيد لنا ما لقنّته الحمائم
وقال آخر في زامرة:
وناطقة بالنفخ عن روح بها ... تعبر عمّا دوننا وتترجم
سكتنا وقالت للقلوب فاطربت ... فنحن سكوت والهوى يتكلم
[ومما قيل في فانوس]
لابن تميم:
أنظر إلى الفانوس تلق متيّما ... ذرفت على فقد الحبيب دموعه
يبدو تلهّب جسمه لنحو له ... وتعدّ من تحت القميص ضلوعه
وقال لابن قزل:
وكأنما الفانوس في غسق الدجى ... دنف براه شوقه وسهاده
أضلاعه خفيت ورقّ أديمه ... وجرت مدامعه وذاب فؤاده
ولبعضهم في شمعة:
حكتني وقد أودى بي السقم شمعة ... وإن كنت صبّا دونها متوجّعا
ضنى وسهادا واصفرارا ورقّة ... وصبرا وصمتا واحتراقا وأدمعا
[ومما قيل في الربيع والرياض والبساتين والمياه والنواعير ونحو ذلك.]
قال الشاعر:
هذا الربيع وهذه أزهاره ... متجاوب في أيكه أطياره «١»
وبدا البنفسج والشقائق مونق ... والورد يضحك بينها وبهاره
فاشرب على وجه الحبيب وغنّ لي ... هذا هواك وهذه آثاره
وقال غيره:
غدونا على الروض الذي طلّه الندى ... سحيرا وأوداج الأباريق تسفك «٢»
فلم نر شيئا كان أحسن منظرا ... من النّور يجري دمعه وهو يضحك
وقال آخر:
أما ترى الأرض قد أعطتك زهرتها ... بخضرة واكتسى بالنور عاريها «٣»
فللسماء بكاء في جوانبها ... وللربيع ابتسام في نواحيها
وقال غيره:
إنّ السماء إذا لم تبك مقلتها ... لم تضحك الأرض عن شيء من الزهر
والأرض لا تنجلي أنوارها أبدا ... إلّا إذا رمدت من شدّة المطر
وقال ابن قرناص:
أيا حسنها من رياض غدا ... جنوني فنونا بأفنانها
مشى الماء فيها على رأسه ... لتقبيل أقدام أغصانها
وقال آخر:
أنظر إلى الأغصان كيف تعانقت ... وتفارقت بعد التعانق رجّعا