للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ذم من لو كان حاضرا لبالغت في مدحه، ومدح من لو كان غائبا، لسارعت إلى ذمه «١» .

- وقيل: المنفعة توجب المحبة، والمضرة توجب البغضة، والمخالفة توجب العداوة، والمتابعة توجب الألفة، والعدل يوجب اجتماع القلوب، والجور يوجب الفرقة، وحسن الخلق يوجب المودة، وسوء الخلق يوجب المباعدة، والانبساط يوجب المؤانسة، والانقباض يوجب الوحشة، والكبر يوجب المقت «٢» ، والتواضع يوجب الرفعة، والجود يوجب المدح، والبخل يوجب الذم، والتواني يوجب التضييع، والحزم يوجب السرور، والحذر يوجب السلامة، وإصابة التدبير توجب بقاء النعمة، وبالتأني تسهل المطالب، وبحسن المعاشرة تدوم المحبة، وبخفض الجانب تأنس النفوس، وبسعة خلق المرء يطيب عيشه، والاستهانة توجب التباعد، وبكثرة الصمت تكون الهيبة، وبعدل المنطق تجلب الجلالة، وبالنصفة تكثر المواصلة، وبالأفضال يعظم القدر، وبصالح الأخلاق تزكو الأعمال، وباحتمال المؤن يجب السؤدد، وبالحلم على السفيه تكثر أنصارك عليه. وبالرفق والتودد تستحق اسم الكرامة وبترك ما لا يعنيك يتم لك الفضل.

واعلم أن السياسة «٣» تكسو أهلها المحبة. ومن صغر الهمة الحسد للصديق على النعمة. والنظر في العواقب نجاة. ومن لم يحلم ندم. ومن صبر غنم. ومن سكت سلم. ومن اعتبر أبصر. ومن أبصر فهم. ومن فهم علم.

ومن أطاع هواه ضل. ومع العجلة الندامة ومع التأني السلامة. وزارع البر يحصد السرور. وصاحب العقل مغبوط. وصداقة الجاهل تعب.

إذا جهلت فاسأل، وإذا زللت فارجع، وإذا أسأت فاندم، وإذا ندمت فأقلع.

المروءات كلها تبع للعقل، والرأي تبع للتجربة، والعقل أصله التثبت وثمرته السلامة، والأعمال كلها تتبع القدر.

واختار العلماء أربع كلمات من أربع كتب فمن التوراة:

من قنع شبع. ومن الإنجيل من اعتزل نجا. ومن الزبور:

من سكت سلم. ومن القرآن: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ

«٤» .

واجتمعت حكماء العرب والعجم على أربع كلمات، لا تحمل بظنك ما لا يطيق. ولا تعمل عملا لا ينفعك.

ولا تغتر بامرأة. ولا تثق بمال ولو كثر. والله تعالى أعلم.

[الباب السادس في الأمثال السائرة]

وفيه فصول

[الفصل الأول فيما جاء من ذلك في القرآن العظيم وأحاديث النبي الكريم]

اعلم أن الأمثال من أشرف ما وصل به اللبيب خطابه، وحلّى بجواهره كتابه. وقد نطق كتاب الله تعالى، وهو أشرف الكتب المنزلة بكثير منها، ولم يخل كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، وهو أفصح العرب لسانا، وأكملهم بيانا، فكم في إيراده وإصداره من مثل يعجز عن مباراته في البلاغة كل بطل. وسنذكر إن شاء الله تعالى بعد ذلك نبذة من أمثال العرب والمولدين والعامة.

فمن أمثال كتاب الله تعالى قوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ

«٥» ، الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ

«٦» ، قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ

«٧» ، أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ

«٨» ، ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ

«٩» ، لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ ٥٨

«١٠» ، أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ

«١١» ، وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ

«١٢» ، لِكُلِ

<<  <   >  >>