ووقف سائل على باب فقال: يا أصحاب المنزل، فبادر صاحب الدار قبل أن يتم كلامه وقال: فتح الله عليك، فقال السائل: يا ... كنت تصبر لعلي جئت أدعوك إلى وليمة.
وقال أبو عثمان الجاحظ: وقف سائل بقوم فقال: إني جائع، فقالوا له: كذبت، فقال: جربوني برطلين من الخبز ورطلين من اللحم.
ووقف سائل على باب، فقالوا: يفتح الله عليك، فقال:
كسرة، فقالوا: ما نقدر عليها، قال: فقليل من بر أو فول أو شعير، قالوا: لا نقدر عليه، قال: فقطعة دهن أو قليل زيت أو لبن. قالوا: لا نجده، قال: فشربة ماء. قالوا: وليس عندنا ماء، قال: فما جلوسكم ههنا قوموا فاسألوا، فأنتم أحق مني بالسؤال.
[الفصل الثامن في نوادر المؤذنين]
قيل لمؤذن: ما نسمع أذانك، فلو رفعت صوتك، فقال: إني أسمع صوتي من مسيرة ميل. وقال بعضهم:
رأيت مؤذنا أذّن ثم غدا يهرول، فقلت له: إلى أين؟ فقال:
أحب أن أسمع أذاني أين بلغ.
واختصم رجلان في جارية فأودعاها عند مؤذن، فلما أصبح وفرغ من الأذان قال: لا إله إلا الله ذهبت الأمانة من الناس، فقالوا له: كيف ذهبت الأمانة من الناس؟ قال:
هذه الجارية التي وضعت عندي قيل إنها بكر، فلما أتيتها وجدتها ثيبا.
وسمع مؤذن حمص يقول في سحور رمضان: تسحروا فقد أمرتكم وعجلوا في أكلكم قبل أن أؤذن، فيسخم الله وجوهكم. وشوهد مؤذن يؤذن من رقعة، فقيل له: ما تحفظ الأذان؟ فقال: سلوا القاضي، فأتوه، فقالوا:
السلام عليكم، فأخرج دفترا وتصحيفة وقال: وعليكم، فعذروا المؤذن.
وسمعت امرأة مؤذنا يؤذن بعد طلوع الشمس ويقول الصلاة خير من النوم، فقالت: النوم خير من هذه الصلاة.
ومر سكران بمؤذن رديء الصوت فجلد به الأرض وجعل يدوس بطنه، فاجتمع إليه الناس فقال: والله ما بي رداءة صوته، ولكن شماتة اليهود والنصارى بالمسلمين.
[الفصل التاسع في نوادر النواتية]
حكي أن بعض النواتية تولى أحد الكراسي السلطانية لما ساعده الزمان، فبينما هو جالس في داره إذ سمع صوتا وراء الباب فقال لزوجته: إني أسمع غاغة في البر حلي قلوعي واعملي أسفيرتي على جاموري وقدمي إلى إسقالة الرجل، وقيميني بمدرة، فامتثلت كلامه، فنزل وجلس على مصطبته وقد علت مرتبته، واصطفت المقدمون بين يديه ووقفت الحبرتية حوليه، وإذا بشيخ قد أقبل وثيابه مقطعة وعمامته في حلقه والدم نازل من أنفه وهو يصيح بصوت عال: أنا بالله وبالوالي، فقال: تعال يا شيخ مالي أرى أرطمونك في حلقك وشبورتك مكسورة وأنت بتزلع ماء متغير وتقيم الهليلا في الساحل دخل عليك شرد غربي وإلا دخلت على بواجي، فقال الشيخ: والله يا سيدي بعض نواتية البحر عمل بي هذا، فقال: يا أولاد جيبوا غريمو بخنسوا عدته وقشطوا ظهره وجروه على مقدمه، فامتثلوا كلام الأمير وجاءوا بالغريم فلما مثل بين يديه قال له: ويلك هو أنت بغنوس بسفر البحر أنت الذي قطعت القلس وخرجت في الشعث حتى لقيت هذا الرجل نطحت مخطمته وكسرت اسقالته؛ لو انصلح كنت عملتك في بدراوة وعلقتك في الصاري، فلما سمع الرجل كلام الوالي علم أنه من أولاد المعيشة، فقال له بهمترة النواتية:
والله يا خوند هو كار زني في معاشي اجصطن على الوحسة وأنا عايم في الليل إلا وشرد جاني من الشرق كابس هز أطرافي وكسر شابورتي وقطع لباني وها هو يحمد الله على بر السلامة، وإن كان انصلح فيه شيء فأنا بمرسوم الأمير أجيب له القلفاط، أسد فتحه وأعيد له وسقه وأخليه يروح في طريقه، فقال له الوالي: أنت بتقذف في وجهي وتطرح مقاديفك حتى نعبر على الحجر، يا رجالة الصاري سلسلوا أطرافه وعروا مقاديفه، وبلوا شيبنة اللبان وانزلوا عليه وأوسقوه الجنبين والظهر حتى تلعب المية على بطونسته، هيا قوامك خلوا جنب برا وجنب جوا قدام الخن وراء الصاري، فأكل علقة من كعبه إلى أذنه، فقالت النواتية: يا خوند هو خنفست عليه الطمية البحرية؟ قال: مدراتين وقيموه فلما أقاموه باس يد الأمير وقال: يا خوند سألتك بهبوب الرياح وطيب النسيم الرب لا يبليك بجر اللبان في الحلافي وأنت حافي الصيافي ويكفيك شر الأربعينيات قال: فرق عليه قلب الأمير وقال له: وحق من ضرب القلع باللبان الحلفا عند بخنسة الريح وفروغ الزاد بعيد من البلاد وعياط الركاب عند قيام الموجة وبعد البر في أيام النيل، لولا شفاعة الركاب لكنت أهد سقالتك وأقعد في زوايدك حتى أخلي ظهرك جيفة، فقال له: والله يا خوند ما بقي جنبي يحمل هذا الوسق العظيم