وزعم بعض الباحثين عن أحوال التمساح أن له ستين نابا وستين عرقا ويسفد ستين مرة ويبيض ستين بيضة ويحضن ذلك ستين يوما ويعيش ستين سنة فإذا أفرخ فما صعد الجبل صار ورلا وما نزل البحر صار تمساحا»
وفكه الأسفل لا يستطيع تحريكه لأن فيه عظما متصلا بصدره وإذا أراد السفاد أخذ انثاه وطلع بها إلى البر وقلبها وجامعها فإذا قضى حاجته قلبها ثانيا لأنه لو تركها على تلك الحالة بقيت حتى تموت وما ذلك إلا أنها لا تستطيع الانقلاب ليبوسة ظهرها وصلابته، وقد سلط الله تعالى عليه أضعف الحيوان وهو كلب الماء يقال أنه يتبلط بالطين ويغافل التمساح ويقذف بنفسه في فيه فيبتلعه لنعومته فإذا حصل في جوفه ذاب ما عليه من سخونة بطنه فيعمد إلى أمعائه فيقطعها ويقطع مراق بطنه فيقتله.
الخوص: عينه تشد على من به رمد اليمنى لليمنى واليسرى لليسرى وشحمه إذا قطر في أذن من به صم نفعه.
[(تنين) :]
ضرب من الحيات وهو طويل كالنخلة السحوق وجسده كالليل أحمر العينين لهما بريق واسع الفم والجوف يبتلع الحيوان وأول أمره يكون حية متمردة ثم تطغى وتتسلط على حيوان البر فيستغيث منها فيأمر الله تعالى ملكا فيحملها ويلقيها في البحر فتقيم فيه مدة ثم تتسلط على حيوانه أيضا فيستغيث منها إلى ربه فيأمر الله تعالى بإلقائها في النار فيعذب بها الكافرين وقيل يأمر الله تعالى بإلقائها على يأجوج ومأجوج.
وروى ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يسلط الله على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا تنهشه وتلدغه حتى تقوم الساعة ولو أن تنينا نفخ على الأرض ما نبتت فيها خضراء.
[(حرف الثاء) :]
[(ثعلب) :]
وهو معروف ذو مكر وخديعة وله حيل في طلب الرزق. فمن ذلك أنه يتماوت وينفخ بطنه ويرفع قوائمه حتى يظن أنه مات فإذا قرب منه حيوان وثب عليه وصاده وحيلته هذه لا تتم على كلب الصيد. ومن حيلته إنه إذا تعرض للقنفذ نفش القنفذ شوكه فيسلح هو عليه فيلم شوكه فيقبض على مراق بطنه ويأكله وسلحه أنتن من سلح الحبارى.
ومن لطيف أمره أنه إذا تسلطت عليه البراغيث حملها وجاء إلى الماء وقطع قطعة من صوفه وجعلها في فيه ونزل في الماء والبراغيث تطير قليلا قليلا حتى تجتمع في تلك الصوفة فيلقيها في الماء ويخرج. وفروه أدفى الفراء وفيه الأبيض والرمادي وغير ذلك، وذكر في عجائب المخلوقات أنه أهدى إلى أبي منصور الساماني ثعلب له جناحان من ريش إذا قرب الإنسان منه نشرهما وإذا بعد لصقهما.
لطيفة: ذكر ابن الجوزي في آخر كتاب الأذكياء والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء عن الشعبي أنه قال: مرض الأسد فعادته السباع والوحوش ما خلا الثعلب فنم عليه الذئب فقال الأسد: إذا حضر فأعلمني فلما حضر الثعلب أعلمه الذئب بذلك وكان قد أخبر بما قاله الذئب فقال الأسد: أين كنت يا أبا الفوارس؟ قال: كنت أتطلب لك الدواء. قال:
وأي شيء أصبته؟ قال: قيل لي خرزة في عرقوب أبي جعد. قال: فضرب الأسد بيده في ساق الذئب فأدماه ولم يجد شيئا فخرج ودمه يسيل على رجله وانسل الثعلب فمر به الذئب فناداه: يا صاحب الخف الأحمر إذا قعدت عند الملوك فانظر ما يخرج منك فإن المجالس بالإمانات.
وقيل: خرج الأسد والثعلب والذئب يتصيدون فاصطادوا حمار وحش وضبا وغزالا ثم جلسوا يقتسمون فقال الأسد للذئب اقسم علينا فقال حمار الوحش لي والغزال لأبي الحرث والضب للثعلب فضربه الأسد في رأسه فرضخها فقال الثعلب: أنا أقسم حمار الوحش لأبي الحرث يتغدى به والغزال لأبي الحرث يتعشى به والضب لأبي الحرث يتنقل به فيما بين ذلك فقال له الأسد: لله درك من فرضي، ما أعلمك بالفرائض من علمك هذا. قال: علمني التاج الأحمر الذي ألبسه هذا، وأشار إلى الذئب.
وحكي: أن الثعلب مر في السحر بشجرة فرأى فوقها ديكا فقال له: أما تنزل نصلي جماعة؟ فقال: إن الإمام نائم خلف الشجرة فأيقظه فنظر الثعلب فرأى الكلب فضرط وولى هاربا فناداه: أما تأتي لنصلي؟ فقال: قد انتفض وضوئي فاصبر حتى أجدد لي وضوءا وأرجع.
ومن العجيب في قسمة الأرزاق أن الذئب يصيد الثعلب فيأكله والثعلب يصيد القنفذ فيأكله والقنفذ يصيد الأفعى فيأكلها والأفعى تصيد العصفور والعصفور يصيد الجراد والجراد يصيد الزنابير والزنابير تصيد النحل والنحل تصيد الذباب والذباب يصيد البعوض والبعوض يصيد النمل والنمل يأكل كل ما تيسر من صغير وكبير فتبارك الله الذي أتقن ما صنع.